القسم الثالث لا تطرد في جميع موارد طرو الهيئة وتركّب الاسم من مادة وهيئة ، لوضوح انَّ المادة تصبح بطرو الهيئة مصدراً تارة ، ومشتقاً من قبيل اسم الفاعل والمفعول أخرى ، وفعلاً ثالثة ، على اختلاف نوع الهيئة الطارئة. والملحوظ انَّ المصدر لا يخرج باكتسابه الهيئة المصدرية عن صلاحيته الأصلية لأن يحكم به وعليه ولكنَّه لا يصحّ أن يحمل على الذات فيقال « الفقه علم » و « العلم مفيد » ولا يقال « زيد علم » والمشتق يصلح أيضا أن يحكم به وعليه ، ويمتاز على المصدر بصلاحيته لأن يحمل على الذات فيقال « زيد عالم » والفعل يصلح لأن يحكم به ولا يصلح لأن يحكم عليه ولا أن يحمل على الذات وتحقيق الحال في هذه الفوارق يقع في جهات.
الجهة الأولى : في مفاد الفعل على نحو يفسّر الظاهرة المذكورة التي تميّزه عن غيره.
وفي هذا المجال لا بدَّ من استعراض مجموعة من القناعات الثابتة بوجدان ، أو المبرهنة بشيء ممَّا تقدّم ، لكي يشخص مدلول الفعل في ضوء تلك القناعات.
وهي كما يلي :
١ ـ أنَّنا في قولنا « ضرب زيد » نفهم النسبة الصدورية القائمة بين الحدث والفاعل.
٢ ـ انَّ هذه النسبة يستحيل أن تكون نسبة تامة وفقاً للميزان المتقدم لأنَّ موطنها الأصلي هو الخارج فلا تكون في الذهن إلا تحليلية وكلّ نسبة تحليلية فهي ناقصة.
٣ ـ انَّ الجملة المذكورة تحتوي على النسبة التامة بلا إشكال.
٤ ـ انَّ الفعل بمفرده وبدون أن تستكمل الجملة الفعلية هيئتها بضمّ الفاعل يكون ناقصاً ولا يصحّ السكوت عليه.
٥ ـ انَّ الجملة المذكورة لها مدلول وضعي تصوري محفوظ مع قطع النّظر عن المدلول التصديقي المعبر عنه بقصد الحكاية وفي مرتبة سابقة عليه.
٦ ـ أنَّ الفعل لا يصحّ الحكم عليه وإن صحَّ الحكم به ، ولا يصحّ حمله على مصداق مدلول المادة خلافاً للمصدر الّذي يصحّ أن يحكم عليه وأنَّ يحمل على مصداق