ملاحظة أن النسبة الملائمة لبعض المواد هي النسبة الصدورية ولبعضها النسبة الحلولية ولبعضها غير ذلك لا يمكن فرض أخذ أنحاء هذه النسب في طرف الهيئة إلا بأن يكون وضعها شخصيّا وفي ضمن كلّ مادة بشخصها. وهكذا يتعيّن بناء على الوضع النوعيّ للهيئة أن تكون هذه النسب مأخوذة في مدلول المادة ، وقد يكون الفرق بين الماضي والمضارع أيضا بلحاظ النسبة المأخوذة في مدلول المادة.
وهذه الفرضية تفسّر لنا عدم صحة الحكم على فعل الماضي وعدم صحة حمله على مصداق مدلول المادة. إذ حال فعل الماضي حال جملة اسمية فكما انَّ الجملة الاسمية تكون مواد مفرداتها مندكّة في ضمن مدلولها الجملي ومفادها النسبي الهيئتي كذلك الحال في فعل الماضي.
هذا كلّه في الفعل الماضي ومثله فعل المضارع. وأمَّا فعل الأمر فان بني في تفسير الماضي على الفرضية الأولى وأريد تعميمها على فعل الأمر لكون الأقسام الثلاثة من الفعل على وتيرة واحدة وجداناً فلا بدَّ من افتراض دلالة هيئة فعل الأمر على نسبة ناقصة ودلالة هيئة الجملة المكونة من الفعل وفاعله على نسبة تصادقية تامة غير انَّها ليست بلحاظ وعاء التحقق بل بلحاظ وعاء الطلب فهي نسبة تصادقية تشريعية لا خارجية حيث انَّ الجملة المذكورة إنشائية. ولكن بناء على ذلك لا يمكن الالتزام بان مدلول هيئة فعل الأمر نفس النسبة الناقصة الصدورية التي يدلّ عليها فعل الماضي مثلاً لأنَّ لازم ذلك الترادف بين فعل الماضي والأمر وعدم ظهور الفرق بينها إلا بعد ضمّ الفاعل وملاحظة الجملة بمجموعها مع وضوح الفرق بين الفعلين في مدلوليهما التصوريين في أنفسهما. ومن هنا يتعيّن القول بأنَّ مفاد هيئة فعل الأمر نسبة ناقصة أخرى من قبيل ما يقال من أن مدلول هيئة الأمر النسبة الإرسالية أو البعثية ، بمعنى ملاحظة الإرسال أو البعث على نحو المعنى الحرفي وبما هو نسبة بين المرسِل والمرسَل والمرسل نحوه أو الباعث والمبعوث والمبعوث نحوه ، والنسبة الإرسالية مع الإرسال كالنسبة الابتدائية مع الابتدائية مع الابتداء ، وقد يلائم هذا حينئذ مع إِبقاء النسبة التصادقية التامة التي تدلّ عليها هيئة جملة ( افعل ) على وعاء التحقق بأن يكون الملحوظ في مفاد الجملة تحقق الإرسال لا صدور المادة.