لإثبات بساطة المشتق بالمعنى المذكور المحاذير التي أوردها المحقق الشريف على القول بالتركيب. ويرجع هذا القول في ضوء هذا التفسير إلى القول الثاني الّذي نسبناه إلى صاحب الكفاية ( قده ). وبذلك نكون قد شرعنا في معالجة الثاني فنقول :
هنالك عدة مواضع للنظر في هذه الدعوى :
فأولاً : إن أريد من الانتزاع معنى يساوق الإدراك كما هو الحال في جميع الأمور الانتزاعية التي لها واقعية ونحو تقرّر في لوح الواقع بقطع النّظر عن الذهن ، كالإمكان والزوجية ، ويكون نظر الذهن طريقاً إليها فواضح انَّه في المقام لا نجد شيئاً زائداً على الذات والمبدأ والنسبة ليكون هو مدلول المشتق ، وإن أريد من الانتزاع معنى يساوق الجعل من قبل الذهن وإنشاء مفهوم ذهني لكي يطبق على الذات المتلبسة فهذا معناه انَّ مداليل عالم وقائم وغيرهما يكون من المنشآت الذهنية المطبقة على الخارج بتعمل الذهن وليس من مستوردات الذهن التي يرى لها واقع محفوظ في نفسه ، وذلك خلاف الوجدان.
وثانياً : انَّ محاذير المحقق الشريف لا يتخلص عنها بهذا القول طالما افترض تقوم المشتق مطلقاً بأمر انتزاعي غير ذاتي.
وثالثاً : انَّ مجرَّد فرض معنى المشتق أمراً انتزاعيّاً لا يكفي لإثبات بساطته أو الفرق بينه وبين معنى المصدر في ضمن الحمل على الذات ، بدليل وجود مصادر انتزاعية أيضا للإمكان والزوجية فلما ذا لا يصحّ حملها على الذات ويصحّ حمل الممكن أو الزوج عليها.
وامَّا القول الثالث الّذي اختاره المحقق العراقي من دلالة المشتق بمادته على الحدث وبهيئته على النسبة فقد استند فيه إلى استقراء وضع الهيئات في اللغة فانَّها جميعاً موضوعة بإزاء معانٍ حرفيّة نسبيّة فيما نعرف فلا تكون هيئة المشتق بدعاً عنها.