عالم التصوّر والإدراك تارة : بنحو وحداني بسيط كما هو طبع وجوده الخارجي. وأخرى : بنحو التحليل والتجزئة إلى ذات وإنسانية أو شيئية أو بياض. ولكن الفهم العرفي الفطري للإنسان يجد فرقاً بين القسمين الأولين والقسم الأخير ، لأنَّ إنسانية الإنسان أو شيئيّة الشيء ليست وجودات زائدة على موضوعاتها ، ولذلك يعتبرها مصادر جعلية انتزعت بالتجريد وإعمال العناية العقلية التحليلية ، وهذا بخلاف بياض الجسم مثلاً أو قيام زيد فانَّ مثل هذه الأعراض تعتبر بحسب الفهم الفطري وجودات مستقلة طارئة على الذوات ، ولذلك لم يصح حملها عليها ، فإذا أريد حملها على موضوع اضطرَّ إلى تركيب معنى يمكن أن ينطبق عليه وذلك بأخذ عنوان الذات ـ الّذي هو من الذاتي في كتاب البرهان ـ أو واقع الذات كالإنسان مثلاً ـ وهو الذاتي في كتاب الكليّات ـ في المعنى. وقد وضعت المشتقات بحسب النوع بإزاء هذا المعنى التركيبي ، وإن كانت قد تدخل على ما يكون ذاتياً بحسب الدقّة كالممكن مثلاً. ولعلَّه باعتبار عرضيته بحسب الفهم العرفي.
وأمَّا المفارقات والاعتراضات التي أخذت على هذا القول ، فبعضها توجه على افتراض تركّب المشتق من مفهوم الشيء أو الذات والمبدأ والنسبة وبعضها توجه على افتراض تركّبه من واقع الشيء المعروض للمبدإ كالإنسان في ضاحك مثلاً. فالبحث يقع عن فرضين.
أمَّا فرض التركّب من مفهوم الشيء ، فقد استظهر من بعض كلمات المحقق الشريف في حاشيته على شرح المطالع في المنطق انَّه يعترض عليه بلزوم دخول العرض العام ـ وهو الشيء ـ في الذاتي ـ كالناطق الفصل ـ وهو مستحيل.
والمحقق النائيني ( قده ) عدل من صياغة المفارقة بعد الاعتراف بصحتها بأن اللازم دخول الجنس في الفصل لأنَّ الشيء جنس الأجناس وليس عرضاً عاماً.
وكلتا الصياغتين ممَّا لا نساعد عليه.
امَّا صياغة المحقق النائيني ( قده ) فلأنَّ الشيء ليس جنساً أعلى ، لا لما قيل من لزوم