واللف من ناحية وضع المركب للمجموع المتحصّل من معاني أجزائه وهو خلاف الوجدان بل الّذي يلزم في الحقيقة الانتقال إلى المعنى الجملي الإجمالي مرّتين لأنّ معاني الأجزاء باعتبار اشتمالها على المعنى الحرفي الرابط لا تأتي إلى الذهن متفاصلة بل مترابطة.
ويرد عليه : انّ تعدد الانتقال بسبب تعدد الدال لا تعدد الوضع فان الوضع كما تقدّم هو القرن المؤكد بين اللفظ والمعنى فهو حيثية تعليلية للانتقال من اللفظ إلى المعنى ، وامّا السبب الباعث على تصوّر المعنى فهو نفس اللفظ فإذا كانت جملة واحدة طرفا لقرنين مؤكدين ، مجملة تارة ، ومفصلة أخرى ، فليس هناك في الذهن إلاّ سبب واحد لإثارة المعنى لأن الجملة بإجمالها وتفصيلها موجودة بوجود واحد. وإن شئت قلت : انّ التعدد التحليلي للدال لا يوجب تعدد الوجود الذهني للمعنى حقيقة.
الثاني : انّ لازم ذلك اجتماع لحاظين في آن واحد من قبل النّفس أحدهما متعلّق بالمعنى الإجمالي ، والآخر متعلّق بالمعنى التفصيليّ وهو محال. وهذا الوجه واضح البطلان كبرى وصغرى.
الثالث : انّ وضع مواد المركّب وهيئاته لأنحاء النسب والربط يجدي لتحصيل المقصود فتكون إضافة وضع آخر للمركّب على تلك الأوضاع لغواً صرفاً ، والتحقيق :
انّ هذا يتمّ إذا افترضنا انّ بالإمكان استقلال الهيئات في كلّ جملة بالوضع لمعانيها الحرفية ، ولكن سيأتي إن شاء الله تعالى أن الهيئات والحروف الموضوعة للنسب الناقصة يستحيل استقلالها في الوضع بل لا بدّ أن تكون موضوعة تبعاً لوضع الجملة ككل ، ومعه لا لغوية في وضع المجموع للمجموع. ويأتي توضيح الحال في ذلك عند الكلام في تشخيص وضع الحروف والهيئات ونوعه.
وقد شمل بحث الأصوليين وتحليلهم المبهمات من الأسماء ، كأسماء الإشارة والضمائر والموصولات ، لشباهتها بالحروف في عدم تحدد معناها بصورة مستقلة عن غيرها ، وإن كانت تختلف عنها في إمكان وقوعها محكوماً به وحملها على الذات.