الظرفية التحليلية ويضع الحرف أو الهيئة لواقع تلك الحصص فجملة « نار في الموقد » مثلاً موضوعة لهذه الحصة من الظرفية المتقوّمة بوجود ذهني واحد للنار والموقد والظرفية بينهما وهي حصّة غير النسبة الظرفية في جملة « زيد في الحديقة » المتقومة بوجود ذهني آخر ، وامّا أفراد ومصاديق « نار في الموقد » الخارجية فليس الوضع بلحاظها خاصاً كما كان في النسب الواقعية الذهنية لأنّ ذلك الوجود الذهني الواحد ليس متضمناً على نسبة واقعية حتى يكون متشخصاً ومتقوّماً بأطرافها.
هذا هو المختار في تحقيق الأوضاع للمعاني الحرفية. ومن الجدير بالذكر بهذا الصدد محاولة قام بها المحقق العراقي قدسسره لتصوير كون وضع الحروف من الوضع العام والموضوع له العام. وحاصل المحاولة : انّ الحرف موضوع للقدر المشترك الجامع بين الجزئيات ولكنّه سنخ جامع لا يمكن تصوره إلاّ في ضمن الخصوصيات خلافاً للجامع في المفاهيم الاسمية التي وضعت لها أسماء الأجناس حيث انّه سنخ جامع قابل للورود في الذهن مجرداً عن الخصوصيات وبذلك يتصوّر الوضع العام والموضوع له العام في الحروف بافتراض جامع من ذلك القبيل يكون هو مفاد الحرف وتكون الخصوصية مستفادة من دال آخر على طريقة تعدد الدال والمدلول والدليل على أن وضع الحروف على هذا الوجه تبادر الحيثيّة المشتركة من الحرف في موارد استعماله. ولنا حول هذا الكلام عدة تعليقات.
الأول : انّ المشكلة في تصوير الجامع لم تكن عبارة عن أنّ النسبة الابتدائية مثلاً لا يمكن أن ترد إلى الذهن إلاّ توأماً مع الخصوصيات حتى يقال ان هذا لا ينفي تعقل الجامع لعدم توقّف الجامع على تعقّل وروده مجرداً إلى الذهن ، فالطبيعة اللابشرط المقسمي جامع بين الطبيعة اللابشرط القسمي والطبيعة الملحوظة بشرط شيء ومع هذا فانّها لا ترد إلى الذهن إلاّ في ضمن إحدى الحصتين ، بل المشكلة في تصوير الجامع هي انّ كلّ نسبة متقومة ذاتاً وتقرراً بطرفيها ، فإذا أريد انتزاع جامع ذاتي بين نسبتين فان تحفظنا على خصوصية الطرفين لكل نسبة استحال الحصول على جامع