التقييد انّما يطرأ على ما يكون قابلاً في نفسه للسعة والانطباق على واجد القيد وفاقده وهذه القابلية شأن الكلّي لا الجزئي فلا يمكن إرجاع القيد إلى مفاد الهيئة.
الوجه الثاني : انّ المعنى الحرفي متقوم بالآلية في عالم اللحاظ وعدم التوجه إليه مستقلاً والتقييد يستدعي توجه الحاكم بالتقييد إلى مصبه وملاحظته له مستقلاً لكي يقيده وهو خلف طبيعة المعنى الحرفي.
امّا الوجه الأول : ومرده إلى مانعية جزئية المعنى الحرفي عن التقييد فهو يستند إلى برهان مركب من الأمور التالية :
١ ـ انّ وضع الحروف على نحو الوضع العام والموضوع له الخاصّ كما برهنا عليه سابقاً.
٢ ـ انّ الخاصّ عبارة أخرى عن الجزئي الّذي لا يقبل الصدق على كثيرين.
٣ ـ انّ الجزئي كذلك لا يقبل التقييد.
ونتيجة ذلك كلّه انّ المعنى الحرفي لا يقبل التقييد.
والتحقيق : في ردّ هذا البرهان بمنع الأمر الثاني منه ، فان كون الموضوع له الحرف خاصاً لا يساوق كونه جزئيّاً بالمعنى الّذي لا يقبل الصدق على كثيرين ، وانّما هو نحو آخر من الجزئية مردّه إلى الجزئية الطرفية بمعنى انّه متقوم بأطرافه وهذا النحو من الجزئية لا يمنع عن قابلية الصدق على كثيرين وعروض التقييد له من بعض الجهات. وتوضيح ذلك : انّ أنحاء النسب ـ كما تقدّم ـ لا يعقل أن يكون بينهما جامع ذاتي لأن كلّ نسبة متقومة في حقيقتها بطرفيها ، فأخذ الجامع بإلغاء الطرفين غير معقول لأن هذا إلغاء لحقيقة النسبة فلا يكون المأخوذ جامعاً نسبيّاً حقيقيّاً ، وأخذ الجامع مع التحفظ على الطرفين غير معقول للتباين بين النسبتين حينئذٍ بتباين أطرافها ، وهذا يبرهن على أنّ الموضوع له الحرف ليس جامعاً بين النسب بل كلّ نسبة من النسب المتقومة بأطرافها ، ثمّ انّ كلّ نسبة من تلك النسب في نفسها كلية قابلة للإطلاق والتقييد ومن سائر الجهات غير جهة الأطراف المتقومة لها وليس التقييد بتلك الجهات بمعنى انّ