تمهيد
بينما كنَّا فيما سبق نبحث بحثاً تحليليّاً في مفاد الحرف أو الهيئة بمعنى انَّ مفاد الجملة بحدوده واضح لدينا وانَّما كنَّا نحاول التعريف على مقدار نصيب الحرف من هذا المفاد ، نبدأ الآن ببحوث لفظية لغوية وهي بحوث يراد بها تحديد المفاد ويتوقّف عليها تعيين مدلول اللفظ ذاتاً أو سعة وضيقاً غير انَّ هذه البحوث ـ كما أشرنا في البداية ـ يجب أن تشكل عناصر مشتركة في عملية الاستنباط لكي تتميز عن البحوث اللغوية البحتة.
وقد ألمعنا سابقاً إلى أنَّ البحوث اللغوية الأصولية تكون على نحوين :
١ ـ بحوث لغوية تفسيرية. وهي التي يكون منهج البحث الأصولي فيها تفسير الدلالات العرفية المتصلة باللفظ المبحوث عنه بعد التأكد من عرفيتها وسلامتها فدور الأصولي في هذا النوع من الأبحاث تقديم نظرية متكاملة تصلح لتفسير تلك الدلالات اللفظية دون أن يلزم نقض أو تنثلم دلالة ، وهذا نهج علمي ـ كما أشرنا ـ يشبه النهج العلمي الّذي يمارسه العالم الطبيعي في تفسير الظواهر الطبيعية.
٢ ـ بحوث لغوية اكتشافية ، وهي البحوث التي تعالج دفع شك حقيقي في مدلول اللفظ لمعرفة ما هو مدلول الكلمة أو الكلام. وقد أشرنا فيما سبق أن هناك وسيلتين رئيستين ـ بغضّ النّظر عمَّا قد يستند إليه من علوم اللغة ـ تعتبران هما الأساس في