الزمان أيضا ولو عرفاً ، لأنَّ اللحظة الزمنية التي وقع فيها المبدأ وإن كانت تنقضي بانقضاء المبدأ إلا انَّ الاتصال الموجود بين اللحظات الزمنية يجعلها أمراً واحداً محفوظاً بشخصه بين المبدأ والمنتهى فيرى بهذا الاعتبار بقاء الذات الزمنية وانقضاء المبدأ المنتسب إليها.
وهذا الوجه صحيح ، ولا يرد عليه ما أورده المحقق الأصفهاني ( قده ) من انَّ اتصال الهويات المتغايرة لا يصحح بقاء تلك الهوية التي وقع فيها الحدث حقيقة بل مجازاً ومن باب نسبة ما يوصف به الجزء إلى الكلّ.
فان الاعتراض متّجه في الجزء والكل العرضيين لا التدريجيين ، لأن الكل التدريجي يكون موجوداً بتمامه بوجود كلّ جزءٍ من أجزائه فالنهار موجود بشخصه لا بجزئه في جميع الآنات المتدرجة منه.
نعم قد يقال : انَّه يلزم على القول بالوضع للأعم حينئذٍ صحّة إطلاق اسم الزمان على الزمان إلى يوم القيامة فيقال : عن هذا الزمان مثلاً بأنَّه « مقتل زكريا » لأنَّه متّصل بزمان قتله.
والجواب عنه : انَّ المناط في تقطيع الزمان بالنظر العرفي الّذي يقطع الزمان إلى دهر وسنين وشهور وأسابيع وأيّام وساعات ويرى انَّ كلّ قطعة منها لها وجود مستقل ويرى انَّ الذات الزمنية فيها تزول بانتهاء تلك القطعة فالمقتلية مثلاً ليست وصفاً للدهر كلّه بل لتقطيع يدخل فيه لحظة القتل.
قد جرى على أقلام المتقدمين من علماء الأصول عند تحرير عنوان هذا البحث التعبير بأن المشتق هل وضع للمتلبس بالمبدإ في الحال أو للأعم منه فأوهم اعتبار زمان الحال في مدلوله على القول بوضعه للمتلبّس ، وتصدّى المحققون المتأخرون لإزالة هذا الوهم وانَّ الاسم المشتق من هذه الناحية على حدّ الاسم الجامد لم يؤخذ فيه الزمان وإن كان انطباقه على مصداقه الخارجي لا يكون إلا في حال وجدانه للمبدإ كما هو الحال في الجوامد أيضا.