ففيما يتعلّق بالأصل العملي في المسألة الأصولية ـ أعني ما يمكن أن نثبت به الوضع للأعم أو للمتلبس ـ ربّما يتمسّك باستصحاب عدم أخذ خصوصية التلبس قيداً في مقام الوضع زائداً على الجامع وبذلك ينفي الوضع للمتلبس خاصة.
إلا انَّ هذه الدعوى لا مأخذ لها. إذ يرد عليه من أوجه المفارقة :
أولا : ابتنائه على تخيّل انَّ لحاظ المعنى الأعم أو الأخص من باب المطلق والمقيد الّذي يكون أصل الجامع متيقّناً في مقام لحاظه والشك في الخصوصية وهو غير صحيح ، فانَّ المعنيين وإن كانا متّحدين بحسب الصدق في الخارج إلا انَّهما بحسب عالم اللحاظ والمفهوم متباينان ـ بناء على إمكان تصوير معنى جامع أعم ـ فليس الشك فيما لاحظه الواضع حين الوضع دائراً بين الأقل والأكثر لينفي الزائد بالأصل.
وثانياً : ابتنائه على كون التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل السلب والإيجاب لا تقابل الضدّين ـ كما اختاره السيد الأستاذ ـ أو العدم والملكة كما يظهر من المحقق النائيني وإلا كان إثبات الوضع للأعم ينفي الخصوصية من الأصل المثبت.
وثالثاً : انَّ غاية ما يثبت من نفي لحاظ الخصوصية انَّ الواضع قد لاحظ حين الوضع المعنى الأعم الجامع بين المتلبس والمنقضي وما هو موضوع الحكم الشرعي بالحجية انَّما هو الظهور المسبب من الوضع فلا يمكن تعيينه في الأعم بالاستصحاب المذكور إلا بالأصل المثبت أيضا.
وفيما يتعلّق بالأصل في المسألة الفقهية الفرعية ، إن أريد إجراء الاستصحاب الموضوعي ونعني به : استصحاب بقاء صدق المشتق بعد الانقضاء لترتيب أثره الشرعي. ففيه : انَّه من الأصل في الشبهة المفهومية وهو خلاف ما حقّقناه في موضعه من بحوث الاستصحاب وإن أريد استصحاب بقاء الحكم المترتّب على المشتق ، فتارة : يفرض انَّ الحكم مرتّب على المشتق بنحو الإطلاق البدلي على صرف وجوده كما إذا قال « أكرم عالماً » وأخرى : يفرض ترتّبه على مطلق وجوده كما إذا قال « أكرم كلّ