المحل أو الغاية مستتبعا لوجود العرض لعدم توافر الشرائط الأخرى لوجوده كما في عروض السريرية على الجسم أو الحرارة على الماء مثلا ، ولهذا لم يكن البحث عنهما مندرجا في علم يتكفل البحث عن الأجسام أو المياه رغم كون العروض بمعنى المحلية الحقيقية محفوظا فيهما أيضا.
يستفاد من الكلام المتقدم عن الحكماء : أن العلم لا بد وأن يبحث فيه عن العوارض الذاتيّة لموضوعه مما يعني أن مسائل العلم ومحمولاتها عبارة عن أعراض ذاتية لما هو موضوع العلم.
وقد نوقش هذا الكلام من قبل علماء الأصول بمناقشات عديدة نقتصر على نموذجين منها :
الأول ما أفاده المحقق الأصفهاني ( قده ) ووافقه عليه جملة من المحققين : من اشتمال مسائل العلوم كثيرا على البحث عما لا يكون عرضا ذاتيا الموضوع العلم لدخالته في الغرض المطلوب من بحوث ذلك العلم (١).
وأضاف عليه السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ : بأن مسائل العلم قد لا تشتمل على ما يكون عرضا ذاتيا لموضوع المسألة فضلا عن موضوع العلم فمسائل علم الفقه مثلا محمولاتها عبارة عن أحكام شرعية وهي أعراض غير حقيقية فضلا من أن تكون ذاتية للموضوع (٢).
وهذه المناقشة يظهر حالها بعد ملاحظة مجموع أمرين :
١ ـ ما تقدم في شرح مرادهم من العرض الذاتي وهو الاستتباع والمنشئية الحقيقية.
٢ ـ أن نظر الحكماء في مثل هذه الكلمات والتحديدات إلى ما يصطلحون عليه بالعلم البرهاني وهو منحصر عندهم في الحكمة العالية والحكمة الطبيعية والحكمة
__________________
(١) نهاية الدراية ج ١ ص ٥ ( ط ـ عبد الرحيم )
(٢) راجع هامش أجود التقريرات ج ١ ص ٥