أو الإمكان بنفس جعل الجسمية ، بخلاف عروض مثل السواد على الإنسان بواسطة كونه زنجيا مثلا فانه عرض غريب (١).
والواقع ان ما أفاده ليس تفسيرا للعرض الذاتي بقدر ما هو تفسير للعرض الأولي ، حيث ميز العرض الأولي في كلمات الحكماء بما يكون جعله بنفس جعل موضوعه فيكون أوليا لكونه عينه في الوجود وإن كان غيره في التحليل. ومسائل العلوم لا تبحث عن خصوص العوارض الأولية لموضوع العلم ولا موجب لاشتراط ذلك فيها وإنما الاعتبار يقضي بأن يكون المبحوث عنها في مسائل العلم الحقيقي ـ وهو العلم البرهاني ـ العوارض الثابتة الموضوع العلم ثبوتا ذاتيا لكونه منشأ لها بحيث يستحيل انفكاكه عنها سواء كان ثبوتها بلا واسطة أو بواسطة وسواء كانت الواسطة أولية أو ثانوية وقد صرح شيخ الحكماء الرئيس ابن سينا في مقدمة كتاب البرهان بأن محمولات المسائل البرهانية لا يشترط فيها أن تكون أعراضا أولية لموضوعاتها.
وعلى ضوء مجموع ما تقدم يعرف أن موضوع علم الأصول هو الأدلة المشتركة في الاستدلال الفقهي خاصة. ويكون البحث في المسائل علم الأصول عن دليليتها وجواز استناد الفقيه إليها في مقام الاستنباط.
إن قيل : ان جملة من القواعد الأصولية يكون البحث فيها عن أصل ثبوت تلك القاعدة وعدم ثبوتها ، كالبحث عن ثبوت الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته أو حرمة ضده وكالبحث عن ثبوت قاعدة قبح العقاب بلا بيان ولا يكون البحث عن دليليتها.
قلنا : ان مرجع هذه البحوث إلى البحث عن دليلية الأمر بشيء على وجوب مقدمته أو حرمة ضده أو دليلية الشك وعدم البيان عقلا على المعذرية فان صياغة هذه البحوث بحسب التدوين الخارجي المسائل علم الأصول وإن كانت عن أصل ثبوت
__________________
(١) نهاية الدراية المجلد الأول صلىاللهعليهوآلهوسلم ٣