وعلى تحقق الشرط المأخوذ في مقام جعلها قيدا وهو العلم بذلك الجعل.
وبالجملة ، إذا افترض الاعتراف بأصل إمكان جعل السببية الواقعية فلا محذور بعد ذلك في اختصاصه بالعالم بالوضع فان هذا نظير ما صورناه في بحوث حجية القطع.
من إمكان أخذ القطع بجعل حكم كبرويا قيدا في موضوع الحكم المجعول بذلك الجعل.
ولكن الصحيح رفض ما افترض من إمكان إيجاد السببية الواقعية بين شيئين بمجرد الوضع والجعل ، فان السببية صفة ذاتية للسبب الحقيقي فلا يمكن جعلها تكوينا لما ليس بسبب فضلا عن وضعها تشريعا واعتبارا.
فالصحيح من المذهبين في تشخيص حقيقة الوضع هو الثاني الّذي يفترض بأن الواضع يقوم بعمل تمهيدي يترتب عليه قيام السببية بين اللفظ والمعنى.
ولكننا في إطار هذا المذهب نواجه مشكلة تشخيص تلك العملية التمهيدية التي قام بها الواضع صانع اللغة فأوجب السببية بين اللفظ والمعنى. وقد انقسم أنصار هذا المذهب في علاج هذه النقطة إلى فريقين ، أحدهما آمن بنظرية الاعتبار ، والآخر بنظرية التعهد. وفيما يلي نتحدث عن النظريتين مع ما ينبغي التعليق به على كل منهما.
ويقول أصحاب هذه النظرية : بأن الواضع يمارس عملية اعتبارية إنشائية تتولد على أساسها العلاقة اللغوية بين اللفظ والمعنى. وهناك صيغ مختلفة في التكييف الإنشائيّ لهذا الاعتبار الوضعي.
الصيغة الأولى : أن الواضع يجعل اللفظ على المعنى كما تجعل الإشارات الحمراء مثلا على مواقع معينة لتكون علامة على الخطر ، غاية الفرق ان الوضع هناك حقيقي وهنا اعتباري إذ لم يجعل اللفظ حقيقة على أمر خارجي ـ كما توضع الشارة الحمراء على