اعتبار اللفظ أداة لتفهيم المعنى فان صيرورة اللفظ أداة حقيقية لتفهيم المعنى لا تتحقق من مجرد الاعتبار والجعل ، وإلا لأمكن جعل أي شيء أداة لشيء آخر.
وقد يكون هذا النقص الظاهر في نظرية الاعتبار بمختلف صيغها هو السبب في ظهور النظرية الأخرى في تفسير العلقة الوضعيّة ، وهي نظرية التعهد ، وإن لم يوضح ذلك في كلمات أنصارها.
وتتلخص هذه النظرية : في أن الوضع ليس اعتبارا وإنما هو تعهد من قبل الواضع بأن لا يتلفظ بالكلمة إلا إذا كان يريد افهام المعنى الخاصّ الّذي يحاول ربطه بها. وهذا التعهد يؤدي إلى أننا متى ما سمعناه ينطق بتلك الكلمة انتقل ذهننا إلى تصور ذلك المعنى وعرفنا أن المتكلم أراد تفهيمه لنا ، وهذا معنى قيام السببية بين اللفظ والمعنى.
وقد تبنى السيد الأستاذ ـ دام ظله ـ هذه النظرية واعتبارها التفسير الصحيح الحقيقة الوضع (١).
وتتميز هذه النظرية بنقاط ثلاث :
١ ـ أن التعهد يفسر التلازم بين اللفظ والمعنى المحقق للدلالة بقضية شرطية يتعهد بها الواضح طرفاها النطق باللفظ وافهام المعنى وعلى أساسه ينفي وجود أي داع آخر للنطق باللفظ سوى افهام المعنى.
٢ ـ ان الدلالة الناتجة عن الوضع على أساس هذه النظرية تكون دلالة تصديقية لا تصورية فحسب ، لأن اللفظ بعد التعهد المذكور يكشف كشفا تصديقيا عن إرادة المتكلم لإفهام المعنى وهذا الكشف هو السببية المتولدة من الوضع عند أصحاب هذه
__________________
(١) راجع محاضرات في أصول الفقه ج ١ ص ٤٨