إرادة لا كلية ولا جزئية كما هو واضح.
وتحقيق الكلام في تشخيص حقيقة الوضع. أن يقال : بأن الله سبحانه وتعالى قد جعل من الإحساس بالشيء سببا في انتقال الذهن إلى صورته فالانتقال الذهني إلى الشيء استجابة طبيعية للإحساس به وهذا قانون تكويني ويوجد قانونان تكوينيان ثانويان يوسعان من دائرة تلك الاستجابة الذهنية.
أحدهما : قانون انتقال صورة الشيء إلى الذهن عن الطريق إدراك مشابهة ، كانتقال صورة الحيوان المفترس إلى الذهن بسبب رؤية رسم مشابه له على الورق.
ثانيهما : قانون انتقال صورة الشيء إلى الذهن عن طريق إدراك الذهن لما وجده مشروطا ومقترنا بذلك الشيء على نحو أكيد بليغ فيصبح هذا القرين في حكم قرينة من حيث إيجاد نفس الأثر والاستجابة الذهنية التي كان يحدثها على الذهن عند الإحساس به. وهذا هو ما يسمى في المصطلح الحديث بالمنية الشرطي والاستجابة الحاصلة منه بالاستجابة الشرطية.
وهذا الاقتران والأشراط الّذي يوجب الاستجابة المذكورة لا بد وأن يكون على وجه مخصوص ، أي لا يكفي فيه مطلق الاقتران بل لا بد وأن يكون اقترانا مركزا مترسخا في الذهن اما نتيجة كثرة تكرر الاقتران خارجا أمام إحساس الذهن ، وهذا هو العامل الكمي لتركيز الاقتران ، أو نتيجة ملابسات اكتنفت الاقتران ولو دفعة واحدة جعلته لا ينمحي عن الذهن ، وهذا هو العامل الكيفي.
والإنسان تحدث استجاباته الذهنية وفق هذه القوانين الثلاثة ، فإذا أطلق شخص مثلا صوتا مشابها لزئير الأسد انتقل إلى الذهن تصور ذلك الصوت نتيجة الإحساس المسمعي به وهو تطبيق للقانون الأول ، ثم ينتقل الذهن من ذلك إلى تصور الزئير نتيجة المشابهة بينهما وهذا تطبيق للقانون الثانوي الأول ، ثم ينتقل من ذلك إلى صورة الأسد نفسه الملازم خارجا مع صوته وهذا تطبيق للقانون الثانوي الثاني.
وقد حاول الإنسان أن يستفيد من القانونين التكوينيين الثانويين في مقام التعبير