ومن أنصار الاتجاه الأول من أعلام الأصوليين المحقق النائيني ( قده ) وقد حاول تعزيز موقفه بأمرين :
١ ـ ما نشاهده من استيعاب الأوضاع اللغوية لدقائق فنية ـ سواء ما كان منها ترتبط بجانب اللفظ أو المعنى ـ تفوق عادة طاقة جماعة من الناس وقدرتهم على نسجها وإبداعها فما ظنك بشخص واحد.
٢ ـ لو كان هناك واضع بشري معين قد أبدع كل هذا النظام اللغوي المنسق المتكامل لنقل ذلك في التاريخ ولخلد ذكره في الشعوب بينما لا يوجد شيء من ذلك في تاريخ أي لغة من اللغات (١).
وقد نوقش في كلا هذين الأمرين من قبل أنصار الاتجاه الثاني : بأن مدعي بشرية الوضع لا يفترض وجود شخص معين من البشر قد قام بإبداع كل هذا النظام اللغوي الدّقيق ، وإنما يدعي أن الإنسان بذكائه الملهم من قبل الله سبحانه وتعالى اتجه ـ نتيجة إحساسه بالحاجة إلى التفاهم مع الآخرين من بني نوعه ـ إلى استخدام الأساليب البدائية الساذجة في بادئ الأمر من الإشارات والتصويرات وتقليد الأصوات في مقام التعبير عما يدور في ذهنه ونقله إلى الآخرين ، ثم نمت عنده تلك الأساليب وتطورت تدريجا حتى أصبحت بالشكل المنسق المتكامل الّذي عليه اليوم فهي إذن عملية قد اشتركت في إبداعها خبرات أجيال من البشر وليست من صنع إنسان معين لكي يستبعد ذلك على أساس عدم نقل التاريخ لاسمه أو على أساس استحالة وقوعه في نفسه.
__________________
(١) أجود التقريرات ج ١ ص ١٢