كان الجواب : ما تقدم من أنه لا مجال لتطبيق مثل هذه القاعدة في أمثال المقام مما لم يكن قيام الحيثية المشتركة فيه بالفرد من سنخ قيام المعلول بالعلة على نحو التأثير والإيجاد ، وإلا فما ذا يقال عن الحيثية المشتركة المصححة لانتزاع مفهوم الشيء ، فهل هي قائمة بالإنسان بخصوصه وبالماء بخصوصه مثلا أو قائمة بالقدر المشترك بينهما؟ لا سبيل إلى الثاني ، لأن ما به امتياز أحدها على الآخر شيء أيضا بلا إشكال. وعليه ، فقيام حيثية مشتركة واحدة في لوح الواقع بأمور كثيرة بما هي كثيرة ومتمايزة ليس فيه محذور لأن لوح الواقع الّذي هو أوسع من لوح الوجود ليس بابه باب التأثير والإيجاد فليست ماهيات الإنسان والحصان والطير علل لإمكان على حد العلية في عالم الوجود لتطبق قاعدة ان الواحد لا يصدر إلا من واحد لاستكشاف قيام الإمكان بالجامع بين تلك الماهيات.
هذا ؛ ولكن إمكان الوضع العام والموضوع له الخاصّ بالطريقة المذكورة إنما يعقل مبنيا على التصورات المشهورة في حقيقة الوضع من اعتباره أمرا تشريعيات بحتا. وأما بناء على ما هو الصحيح من كونه أمرا واقعيا وهو القرن المخصوص بين اللفظ والمعنى لكي تتحقق بذلك صغرى قوانين الاستجابة الذهنية الطبيعية فلا بد للواضع في مقام تحقيق هذا الهدف من استحضار المعنى الخاصّ بنفسه أي ما هو خاص بالحمل الشائع في الذهن لكي يحقق الاقتران والسببية بينه وبين اللفظ ولا يكفي تصور ما هو خاص بالحمل الأولي.
وإن شئت قلت : ان الوضع بناء على المسلك الصحيح ينشأ من الجنبة التكوينية لعملية الوضع لا الجنبة الاعتبارية ، وهذا يعني ان العلقة الوضعيّة تحصل في مرحلة إصدار الحكم لا مرحلة جريه على المحكوم عليه. فلا بد من افتراض ثبوت المعنى الخاصّ المراد وضع اللفظ بإزائه في هذه المرحلة ولا يكفي ثبوته في مرحلة الجري فقط.
والتوصل إلى نتيجة الوضع العام والموضوع له الخاصّ بناء على هذا المسلك إنما يعقل عن طريق تكرر الاقتران بين اللفظ وبين المعاني الخاصة بنحو ينتج الاقتران بين