إنشائيا لا حقيقيا ، على حد ما يقال في باب الإنشائيات من أنها إيجاد للمعنى باللفظ خارجا فيمكن للمستعمل في المقام أن يتسبب بنفس استعماله إلى إنشاء العلقة الوضعيّة بين اللفظ والمعنى.
وفيه : عدم تمامية المبنى ، فانا لا نتعقل إنشاء المعنى باللفظ بل الأمور الإنشائية ليست إلا اعتبارات قائمة في أفق نفس المعتبر ويكون اللفظ مجرد كاشف عنها ، نعم في المعاملات العقلائية والشرعية يتسبب بالإنشاء إلى إيجاب ذلك المعنى الشرعي أو العقلائي المترتب على ذلك السبب ، إلا ان هذا إنما يصح في موارد توجد فيها مسببات كذلك لا في أمثال المقام.
٢ ـ ان يفترض الوضع عبارة عن مطلق تخصيص اللفظ بالمعنى سواء كان اعتباريا أو حقيقيا ـ ولعل هذا هو المستظهر من كلمات صاحب الكفاية ( قده ) في تفسير الوضع ـ فانه بناء على ذلك يمكن الوضع بالاستعمال باعتبار أنه يكون بنفسه مصداقا للوضع ، فإذا استعمل اللفظ في غير ما وضع له قاصدا به الحكاية عنه بنفس اللفظ فقد خصصه به وبذلك يتحقق الوضع حيث لا حقيقة للوضع إلا ذلك ؛ بخلافه في موارد الاستعمال المجازي فانه ليس تعينيا للفظ لأن يدل على المعنى بنفسه بل بالقرينة فلا يكون محققا للوضع.
وقد اعترض المحقق الأصفهاني ( قده ) على ذلك : بأن تعيين اللفظ للدلالة على المعنى بنفسه مشترك بين الحقيقة والمجاز ، فان القرينة في باب المجاز بمثابة الوضع في باب الاستعمال الحقيقي مصححة لدلالة اللفظ على المعنى المجازي لا انها هي الدالة عليه. وإذن فكل استعمال مجازي هو تعيين اللفظ لأن يدل على المعنى بنفسه فيلزم أن يكون كل استعمال مجازي وضعا. ثم دفع ـ قدسسره ـ الاعتراض : بأن اللفظ وإن كان له تعيينان ، تعيين لأن يدل على المعنى الحقيقي بنفسه وتعيين يتبع ذلك لأن يدل على المعنى المجازي المناسب للمعنى الحقيقي كذلك ، إلا أن فعلية دلالة اللفظ على المعنى الحقيقي غير موقوفة على شيء ، بخلاف فعلية دلالته على المعنى المجازي فانها موقوفة على القرينة الصارفة عن الحقيقة ، فتعين اللفظ لأن يدل على معناه الحقيقي بنفسه كاف لدلالة اللفظ بلا حاجة إلى الاستعانة في فعلية الدلالة بشيء آخر ،