السؤال عن خصوص القرى من جهة عدم وجود المنصوب فيها غالبا ، بل المحكي عن أبي حنيفة أنه كان لا يرى إقامة الجمعة إلا في الأمصار.
ومنها النصوص (١) المستفيضة الدالة على سقوط الجمعة على من بعد عنها بفرسخين أو من إن صلى الغداة عند أهله لم يدركها ، ضرورة ظهورها في أن للجمعة محلا مخصوصا معينا يجب السعي اليه على من كان دون هذه المسافة ، ويسقط عمن لم يكن كذلك ، كالسقوط عن الأعمى والامرأة ونحوهم سواء تمكنوا من عقد جمعة لهم أولا ، فإطلاق السقوط المزبور مناف للعينية قطعا ، ومن كان عنده نائب في هذه المسافة لم يصدق عليه البعد عنها بذلك ، إذ المراد البعد عن الجمعة في سائر الأطراف ومن جميع الجهات ، فلا تخصيص حينئذ على المختار ، بخلافه على تقدير العينية ، بل لا ينبغي بناء عليها هذا التكليف الشاق على جملة من الناس ، بل هو مفوت للفرض ، وحامل لهم على العقوق ، مع أنهم غير مكلفين به ، لا مكان إقامة الجمعة عندهم ، نعم ينبغي مراعاة البعد عنها بفرسخ لعدم انعقاد جمعتين في الأقل منه ، بل إذا لم تكن هي منصب شخص مخصوص مكلف بإقامتها لم يعقل وجوب السعي المزبور ، إذ لم يعلم حصولها جامعة للشرائط فيما بين فرسخين اللهم إلا أن يرسل الشخص الصالح للإمامة إلى جميع من كان دون الفرسخين من جميع جهاته أني أريد أن أصلي الجمعة فاسعوا إليها ، وهو كما ترى.
ونحوه حمل النصوص المزبورة على إرادة بيان سقوط فرض الجمعة عمن علم بها وكان بينها وبينه فرسخان ولم يمكنه إقامة الجمعة عنده لاختلال بعض شرائطها ، إذ لا يخفى على من له أدنى معرفة وإنصاف أن المنساق من هذه النصوص خصوصا بعد ما سمعت من تعارف النصب للجمعة في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن بعده سقوط وجوب السعي عمن بعد عن هذه الجمعة المعقودة من الامام أو نائبه بمقدار المسافة المزبورة ،
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب صلاة الجمعة.