وفتاوى الأصحاب ، مستشهدا عليه بعباراتهم التي سمعتها في المحراب ، وهو وإن كان ما فيه من دعوى صراحة تلك العبارات بذلك محلا للنظر أو المنع ، لكنه جيد بالنسبة إلى أصل الحكم ، ضرورة أن هذه المشاهدة التي اعتبروها واكتفوا منها بما سمعت مما لا نعرف لها مأخذا معتدا به ، وبعد التسليم فلم ينقحوا سائر ما يتصور عليها من الفروع كالاكتفاء بمجرد حصولها ولو بطرف العين من بعد ، أو لا بد من الاتصال بمن تلحظه بطرفك بمعنى أنه لو فرض وقوف الامام خلف حائل لا يحصل بسببه البعد عن الجماعة ولكنه لم يكن متصلا بالمشاهد بالوسائط إلا أنه يلحظ بعينه بعض أطراف الجماعة المتباعدة ، ولا غير ذلك من الفروع ، وإن كان الظاهر من مطاوي كلماتهم الاكتفاء بنحو ذلك ، إلا أنه حيث كانت الجماعة من العبادات التوقيفية والذمة مشغولة بيقين وجب عدم ترك الاحتياط الذي هو ساحل بحر الهلكة فيه وفي سابقه مما عرفت ، وإن كان المتعارف في عصرنا هذا عدم تجنب شيء من قوائم المساجد ونحوها ، بل قد يعد فعله من المنكرات ، بل في الذكرى « الإجماع عملا في جميع الأعصار على الصلاة جماعة بالاستدارة على الكعبة » إلى آخره ، وهو مما يرشد إلى أصل المسألة من الاكتفاء بالمشاهدة المزبورة ، وعدم قدح الحائل مع الاتصال بمشاهد المشاهد ، والله أعلم.
ثم إن ذلك كله لو كان المأموم رجلا ، بل وامرأة بامرأة لأصالة الاشتراك ، بل وإطلاق معاقد الإجماعات بل والنص في وجه وإن كان ضعيفا ، بل ظاهر المحكي عن الغرية الإجماع عليه بالخصوص ، بل وعلى المأموم الخنثى ، وهو كذلك ، لإطلاق الأدلة ، وعدم معلومية اندراجها في الامرأة ، وإلزاما لها بالمتيقن في البراءة من الشغل ولذا لو كانت إماما لامرأة لم يغتفر الحائل ، لعدم معلومية كونها ذكرا ، كما عن الميسية التصريح به.
نعم لو أيتمت المرأة بالرجل اغتفر الحائل كما ذكره المصنف مستثنيا له من الحكم