الصف الثاني ، كما لعله يؤيده إرادة التحديد بالنسبة إلى جميع أحوال الصف التي منها السجود لا حال القيام خاصة ، وأن المراد بما لا يتخطى أي ما لا يمكن تخطيه أبدا بأعلى أفراد مصداق التخطي ، وهو الذي يملأ الفرج ، لكونه نكرة واقعة في سياق النفي لا التخطي المتعارف في المشي ، إذ مسقط جسد الإنسان إذا سجد أزيد منه قطعا ، مع أنه اكتفي به في بيان ما يتخطى ، وحينئذ يوافق المختار أو يقرب منه ، لتحقق التباعد المعتاد في الجماعة به خصوصا مع ملاحظة التقريب والمسامحة في التحديد المزبور لا التحقيق والمداقة كما يومي اليه التحديد بذلك من غير بيان المراد به من المتعارف وغيره ولا أفراد المتخطين ، بل لعله يكون حينئذ شاهدا للمختار لا عليه ، بل يمكن تنزيل كلام من سمعت ممن حدد بما لا يتخطى على ذلك ، فيرتفع الخلاف حينئذ من البين ، ويؤيده أنه لو كان المراد به غير ذلك لاشتهر غاية الاشتهار علما وعملا ، ضرورة استعمال الناس الجماعات من سالف الأزمنة إلى يومنا هذا ، مع أنك قد عرفت ندرة من أفتى به ومعروفية الفتوى بخلافه بل والعمل.
وبذلك كله يتضح لك الوجه في صحيح عبد الله بن سنان المتقدم بعد تسليم إرادة ما عرفت منه ، بل هو أولى بالحمل على الندب ، لكن ومع ذلك كله فالأحوط والأفضل مراعاة ما لا يتخطى بالخطوة المتعارفة ملاحظا فيه موقف المصلي لا مسجده كي يتحقق التواصل ، وإن كان الأقوى ما عليه المشهور من أن المدار على العادة في القرب والبعد بالنسبة للإمام والمأموم ، وإلى الصفوف بعضها مع بعض ، وإلى أشخاص الصف الأول بعضهم مع بعض ، لعدم الفرق بين الجميع نصا وفتوى ، فيصير الصف الأول مثلا حينئذ إماما للصف الثاني وهكذا ، لا أنه يراعى القرب والبعد للإمام بالنسبة إلى سائر المأمومين المعلوم بالضرورة خلافه.
ولذا قال المصنف أما إذا توالت الصفوف فلا بأس بالبعد الكثير عن