القول ببعض الأخبار (١) المشترطة في قبول شهادة الشاهد كونه عدلا ، وفي بعضها (٢) خيرا كالآية (٣) ( وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ ) ونحوها ـ بأن أصحاب هذا القول لا ينكرون اشتراط العدالة ، بل يكتفون بالحكم بثبوتها بمجرد الايمان مع عدم ظهور الفسق ، لا أن العدالة ليست شرطا عندهم بل الفسق مانع كما يتخبل ، أو أن العدالة عندهم عبارة عن ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق وإن كان هو محتملا في كلامهم ، بل تومئ اليه بعض أدلتهم.
وكذا ما يقال إن العرف واللغة المحكمين في ألفاظ الكتاب والسنة ينفيان تحقق العدالة بمجرد ذلك فضلا عن أن يحققا وجودها به ، أما أولا فلأن العدالة من المعاني الشرعية فيرجع فيها اليه ، وقد سمعت ما يقتضي أنها عبارة عن ذلك فيه ، ولا مدخل للعرف واللغة فيها ، وثانيا لا منافاة بين الحكم بها وبثبوتها بمجرد الايمان وعدم ظهور الفسق وبين كونها أمرا زائدا على ذلك ، بل لو لم يصدق عرفا على المؤمن الذي لم يظهر منه فسق أنه عدل لم يقدح لكون ذلك طريقا شرعيا ثابتا بالدليل الشرعي.
نعم يرجع النزاع معهم في دليلهم الدال على ذلك ، وإلا فكثير من الألفاظ التي للشرع طريق في تحققها والحكم بثبوتها كالبينة وخبر العدل والاستصحاب ونحو ذلك لا يحكم أهل العرف بإطلاق اللفظ فيها ، لكن ذلك غير قادح بعد فرض الطريق الشرعي فالأولى الاقتصار في ردهم على ما عرفت ، مع أن كلامهم في غاية الفساد وإن حكي عن المسالك وبعض المتأخرين في باب الطلاق أنه قال ـ بعد إيراد حسنة البزنطي (٤) المتقدمة
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٣ ـ من كتاب الشهادات ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤١ ـ من كتاب الشهادات ـ الحديث ٩.
(٣) سورة الطلاق ـ الآية ٢.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١٠ ـ من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ـ الحديث ٤.