أول الوقت مقدار أداء الصلاة ، أما إذا كان من فعله فقد قال الشهيد في الذكرى : إن عليه القضاء مسندا له إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الإجماع عليه ، ووافقه الشهيد الثاني ولعله لكونه السبب في الفوات ، وأن المتبادر من إطلاق الأدلة غيره ، فيبقى داخلا تحت عموم (١) قوله عليهالسلام : « من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته » ولأنه الموافق للتشديد بأمر الصلاة ، ولما يشعر به قوله عليهالسلام (٢) : « كلما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر » ولعل نسبته إلى الأصحاب نشأت من ذكر بعضهم إيجاب القضاء في شرب المرقد ، وإلا فما عثرنا عليه من كلام الأصحاب في المقام لا تفصيل فيه ، ومثله الإجماعات المنقولة ونفي الخلاف ، ونحو قوله عليهالسلام (٣) : « رفع القلم » وغيره ، وكان العمل على الإطلاق هو الأقوى ، لأصالة البراءة ، واحتياج القضاء إلى أمر جديد وكونه السبب لا يخرجه عن شمول اللفظ ، ودعوى أن المتبادر غيره بحيث صار ما عداه من الأفراد النادرة ممنوعة ، وبه يقيد أو يخص قوله عليهالسلام : « من فاتته » لو سلم شمولها لمثل ذلك كما ستسمعه.
وأما إذا مضى عليه من أول الوقت مقدار أداء الصلاة فقد سبق الكلام فيه ، بل لعل عبارة المصنف غير محتاجة إلى القيد في إخراجه ، لعدم سببية الجنون الفوات فيه ، بل اختياره مع الجنون ، وكذا لو كان سبب الفوات عذرا لا يسقط معه القضاء مع الجنون ، كمن نام ثم استيقظ مجنونا بعد ما مضى من الوقت مقدار أداء الصلاة ، نعم لا فرق بين الإطباقي من الجنون والأدواري بعد فرض تسبيبهما الفوات في جميع الوقت للإطلاق ، ولا بين الماليخوليا وغيره ، لصدق المجنون عليه عرفا.
__________________
(١) لم نعثر على هذا اللفظ في شيء من أخبار العامة والخاصة ، نعم يستفاد ذلك من صحيحة زرارة المذكورة في الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب قضاء الصلوات ـ الحديث ١.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب قضاء الصلوات ـ الحديث ٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب القصاص في النفس ـ الحديث ٢ من كتاب القصاص.