لهم حجة على شيء من ذلك سوى قول الكاظم عليهالسلام في حديث هشام (١) : « لا دين لمن لا مروة له ، ولا مرة لمن لا عقل له » وخبر عثمان بن سماعة (٢) المتقدم في علامات المؤمن « من عامل الناس فلم يظلمهم ، وحدثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته ، وكملت مروته ، وظهر عدله ، ووجب أخوته » بل وقول الصادق عليهالسلام في خبر ابن أبي يعفور (٣) : « وأن يكون ساترا لعيوبه » إذ منافي المروة عيب ، لأن مخالفتها إما لخبل أو نقصان عقل أو قلة مبالاة أو حياء ، وعلى كل حال فلا ثقة بقوله ولا بفعله ، وقد قالوا عليهمالسلام (٤) : « الحياء من الايمان ، ولا إيمان لمن لا حياء له » بل وربما يشير إلى ذلك حديث البرذون حيث قال : « لا أقبل شهادته لأني رأيته يركض على برذون » بل ربما ادعي ملازمتها للتقوى.
لكن الجميع كما ترى ، بل لا يخفى على المتأمل في الأخبار المتقدمة أنها لا مدخلية لها في العدالة حيث لم تذكر في شيء منها ، ودعوى التلازم بينها وبين التقوى ممنوعة أشد المنع ، فإن أولياء الله يقع منهم كثير من الأشياء التي ينكرها الجهلة ، نعم لا يبعد قدح بعض الأشياء التي تقضي بنقصان عقل فاعلها ، كما إذا لبس الفقيه مثلا لباس أقبح الجند من غير داع إلى ذلك ، بل قد يقال : إنها محرمة حينئذ بالعارض ، للأمر
__________________
(١) أصول الكافي ج ١ ص ١٩ ـ الطبع الجديد ـ الحديث ١٢ من كتاب العقل والجهل.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٩ وهو خبر عثمان عن سماعة كما تقدم في الرقم (٥) من ص ٢٩١ ويأتي في الرقم (١) من ص ٣٠٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من كتاب الشهادات ـ الحديث ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ١١٠ ـ من أبواب أحكام العشرة من كتاب الحج.