كل معصية شديدة ، وفي بعضها (١) « لا تنظر إلى ما عصيت بل انظر إلى من عصيت » وما دل (٢) على التحذير من استحقار الذنب معللا بأنه قد يكون غضب الله فيه ، وغير ذلك ، وما يقال إن الاستحقار أمر زائد على الذنب فلعله بانضمامه إلى ذلك يكون كبيرة فيه ما لا يخفى ، وبأن الله قد أوعد على سائر المعاصي النار ، وبأن أخبار الكبائر قد اختلفت اختلافا لا يرجى جمعه ، وبأن في ذلك إغراء للمكلف في فعل المعصية ، مضافا إلى إمكان إرادة الأكبر من الكبائر في الروايات كما يومي إلى ذلك بعضها ، وفي الآية إنكم إن اجتنبتم هذه الكبائر التي ذكرناها في هذه السورة نكفر عنكم ما وقع منكم منها في الماضي كقوله تعالى (٣) ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ ) ومثله (٤) ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما قَدْ سَلَفَ ).
وإن كان لا يخفى ما في الجميع ، واختلاف الأخبار غير قادح فيما علم منها جميعها من أن الذنوب فيها كبائر وصغائر ، على أن المعروف كون الكبيرة كل ذنب توعد الله عليه تعالى بالعذاب في كتابه العزيز ، بل في الرياض هو الذي عليه المشهور من أصحابنا بل عن بعضهم أنه لم يجد فيه قولا آخر كما عن الصيمري نسبته إلى أصحابنا مشعرا بدعوى الإجماع عليه ، وعن الدروس والروض تعريفها بذلك ، لكنه في الأول « أنها عدت سبعا ، وهي إلى السبعين أقرب » وفي الثاني « أنها إلى السبعمائة أقرب » نعم في مفتاح الكرامة « قيل : إنها كل ذنب رتب عليه الشارع حدا أو صرح فيه بالوعيد وقيل : هي كل معصية تؤذن بقلة اعتناء فاعلها بالدين ، وقيل : كلما علمت حرمته بدليل
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب جهاد النفس ـ الحديث ٨ من كتاب الجهاد.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٢ ـ من أبواب جهاد النفس ـ من كتاب الجهاد.
(٣) سورة الأنفال ـ الآية ٣٩.
(٤) سورة النساء ـ الآية ٢٦.