على عورات المسلمين ونحو ذلك مما يفضي إلى القتل والسبي والنهب ، فان مفسدته أعظم من مفسدة الفرار من الزحف ، ومنه يخرج الوجه في كلامه « هي إلى السبعمائة أقرب منها إلى السبع » وكأنه إلى ما ذكرناه أقرب ، لأنه لا يخرجه عن معرفة عظم الذنب ، فتأمل.
وكيف كان فالإصرار من جملة الكبائر ، لوروده في بعض الأخبار (١) وفي مفتاح الكرامة نقل الإجماع عليه ، وعن التحرير « الإجماع على أنه إن داوم على الصغائر أو وقعت منه في أكثر الأحوال ردت شهادته » وعن الذخيرة « لا خلاف في ذلك » والمنقول عن الصحاح والقاموس والنهاية الأثيرية « أن الإصرار الإقامة على الشيء والملازمة والمداومة » وما سمعته عن التحرير من الإكثار إن دخل في الإقامة والملازمة كان إصرارا ، وإلا كان قادحا في الشهادة وإن لم يكن إصرارا لمكان الإجماع لكن لا يمكن أخذه في العدالة بناء على ذلك إلا أن يكون ذلك مما ينافي التقوى أو يكون كبيرة يمكن استفادتها على الوجه الذي ذكرنا ، ولهم أقوال مختلفة في تفسير الإصرار ، والأولى فيه الرجوع إلى العرف العام ، فان لم يكن فالى ما ذكرنا عن أهل اللغة ، والظاهر أنه ليس منه فاعل الصغيرة مع العزم على عدم العود ، بل ولا ما إذا لم يخطر بباله عود وعدمه ، نعم إذا كان عازما على العود لا يبعد أن يكون منه عرفا بل ولغة ، والظاهر أن الإكثار من صغائر شتى لا من نوع واحد لا يعد إصرارا على كل واحد قطعا ، إنما الكلام بالنسبة إلى الجميع ، ولعل إجماع التحرير المتقدم شامل له ، ويأتي إن شاء الله في باب الشهادات تمام البحث في هذه المسائل كلها.
بل صرح غير واحد بعدم الفرق بين المداومة على النوع الواحد من الصغيرة والإكثار منه وبين غيره في صدق الإصرار على الصغيرة المراد بها الجنس ، كما أنه صرح
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٥ ـ من أبواب جهاد النفس ـ الحديث ٣٣ و ٣٦ من كتاب الجهاد.