تبعا للمدارك ، بل في الخلاف والغنية الإجماع عليه ، بل ربما قيل : إنه محتمل الانتصار أيضا وإن عبر بالكراهة فيه ، لظاهر النهي في تلك الأخبار المعتضدة بالإجماعين ، مع أن فيها الصحيح وغيره السالمة عن معارضة ما يقاومها ، ضرورة ضعف الخبرين (١) ومنع جبر مثل هذه الشهرة لهما ، وعموم غيرهما ، واحتمال إرادة الحرمة من معقد إجماع الانتصار ، لكن لا يخفى عليك ما في الجميع بعد ما سمعت.
وكيف كان فظاهر الأدلة المزبورة والمتن وغيره وصريح البعض عدم الفرق بين إمامتهما بالصحيح والمماثل ، فما عساه يظهر من الشيخ في المبسوط والجمل والنهاية وابن زهرة في الغنية والحلبي في إشارة السبق وابن إدريس في السرائر ويحيى بن سعيد في الجامع وغيرهم من التفصيل بذلك لم نعثر له على دليل ، ولعله انسياق ذلك من الأدلة ، وهو لا يخلو من قوة لو كان الحكم المنع دون الكراهة للتسامح فيها ولو بعضهم ببعض.
كما أنا لم نعثر للقول بالتفصيل بين إمام الجمعة والعيدين وغيرهما فالمنع في الأول والكراهة في الأخير على دليل بالخصوص ، بل ظاهر الأدلة وأكثر الفتاوى خلافه ، فما في السرائر من التفصيل بذلك محل منع.
وتشتد كراهة إمامتهما لو كان أثر البرص والجذام في وجهيهما ، للنهي (٢) عن إمامة من في وجهه أثر ذلك المستفاد منه الكراهة في غيرهما أيضا مع فرض أثره في الوجه.
وكذا يكره أن يؤم المحدود بعد توبته لا قبلها لفسقه ، إذ الحد لا يجعله عادلا وإن ورد (٣) أنه مكفر للذنوب ، أما بعدها فيجوز على كراهة وفاقا للمشهور بين المتأخرين ، لإطلاق الأدلة وعموماتها المقتضية باعتبار قوتها من وجوه ـ منها
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ١ و ٤.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب صلاة الجماعة ـ الحديث ٢.
(٣) سنن البيهقي ج ٨ ص ٣٢٨.