ورابعاً : أن الملك والعزة وكل خير اعتباري من خيرات الاجتماع كالمال والجاه والقوة وغير ذلك كل ذلك من الرزق المرزوق .
( بحث روائي )
في الكافي عن عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء أليس قد آتى الله بني أُمية الملك ؟ قال : ليس حيث تذهب ، إن الله عز وجل آتانا الملك ، وأخذته بني أُمية بمنزلة الرجل يكون له الثوب فيأخذه الآخر فليس هو للذي أخذه .
اقول : وروى مثله العياشي عن داود بن فرقد عنه عليهالسلام : وإيتاء الملك على ما تقدم بيانه يكون على وجهين : إيتاء تكويني ، وهو انبساط السلطنة على الناس ، ونفوذ القدرة فيهم ، سواء كان ذلك بالعدل أو بالظلم كما قال تعالى في نمرود : « أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ » وأثره نفوذ الكلمة ومضي الأمر والإرادة ، وسنبحث عن معنى كونه تكوينياً ، وإيتاء تشريعي ، وهو القضاء بكونه ملكاً مفترض الطاعة كما قال تعالى : « إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا » البقرة ـ ٢٤٧ ، وأثره افتراض الطاعة ، وثبوت الولاية ، ولا يكون إلا العدل ، وهو مقام محمود عند الله سبحانه ، والذي كان لبني أُمية من الملك هو المعنى الأول وأثره ، وقد اشتبه الأمر على راوي الحديث فأخذ ملكهم بالمعنى الأول وأخذ معه أثر المعنى الثاني وهو المقام الشرعي ، والحمد الديني فنبهه عليهالسلام أن الملك بهذا المعنى ليس لبني أُمية بل هو لهم ولهم أثره ، وبعبارة اخرى : الملك الذي لبني أُمية إنما يكون محموداً إذا كان في أيديهم عليهم السلام ، وأما في أيدي بني أُمية فليس إلا مذموماً لأنه مغصوب وعلى هذا فلا ينسب الى إيتاء الله إلا بنحو المكر والاستدراج كما في ملك نمرود وفرعون .
وقد اشتبه الأمر على هؤلاء أنفسهم أعني بني أُمية في هذه الآية ففي الإرشاد في قصة إشخاص يزيد بن معاوية رؤوس شهداء الطفّ ، قال المفيد : ولما وضعت الرؤوس وفيها رأس الحسين عليهالسلام قال يزيد :
نفلّق هاماً من رجال أعزّة |
|
علينا وهم كانوا أعقّ وأظلماً |