النعمة نظير ما وقع في بشرى إبراهيم بالذرية ، قال تعالى : « وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ » الحجر ـ ٥٦ ، فذكر في جواب نهي الملائكة إياه عن القنوط أن استفهامه لم يكن عن قنوط كيف وهو غير ضال والقنوط ضلالة ، بل السيد إذا أقبل على عبده إقبالاً يؤذن بالقرب والانس والكرامة أوجب ذلك انبساطاً من العبد وابتهاجاً يستدعي تلذذه من كل حديث ، وتمتعه في كل باب .
وفي قوله : وقد بلغني الكبر من مراعاة الأدب ما لا يخفى فإنه كناية عن أنه لا يجد من نفسه شهوة النكاح لبلوغ الشيخوخة والهرم . وقد اجتمعت في امرأته الكبر والعقر معاً فإن ذلك ظاهر قوله : وكانت امرأتي عاقراً ، ولم يقل : وامرأتي عاقر .
قوله تعالى : قال كذلك الله يفعل ما يشاء ، فاعل قال وإن كان هو الله سبحانه سواء كان من غير وساطة الملائكة وحياً أو بواسطة الملائكة الذين كانوا ينادونه فالقول على اي حال قوله تعالى لكن الظاهر أنه منسوب إليه تعالى بواسطة الملك فالقائل هو الملك وقد نسب إليه تعالى لأنه بأمره ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة مريم في القصة : « قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا » مريم ـ ٩ .
ومنه يظهر اولا : أنه سمع الصوت من حيث كان يسمعه أولاً . وثانياً : أن قوله : كذلك ، خبر لمبتدء محذوف ، والتقدير : الأمر كذلك أي الذي بشرت به من الموهبة هو كذلك كائن لا محالة ، وفيه إشارة إلى كونه من القضاء المحتوم الذي لا ريب في وقوعه نظير ما ذكره الروح في جواب مريم على ما حكاه الله تعالى : « قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ـ إلى أن قال ـ : وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا » مريم ـ ٢١ ، وثالثاً : أن قوله : الله يفعل ما يشاء كلام مفصول في مقام التعليل لمضمون قوله : كذلك اه .
قوله
تعالى : قال رب اجعل لي آية قال آيتك أن لا تكلم
الناس ثلاثة أيام إلا