الطريق لا يجب على الباحث الأخذ بها ، والاحتجاج بما فيها لكن التدبر في الآيات يقرب الذهن منها ، والذي نقل منها عن أئمة أهل البيت عليهم السلام لا يشتمل على أمر غير جائز عند العقل .
نعم في بعض ما نقل عن قدماء المفسرين امور غير معقولة كما نقل عن قتادة وعكرمة : أن الشيطان جاء الى زكريا وشككه في كون البشارة من الله تعالى ، وقال : لو كانت من الله لأخفى لك في ندائه كما أخفيت له في ندائك الى غير ذلك فهي معان لا مجوز لتسليمها كما ورد في انجيل لوقا : أن جبرئيل قال لزكريا « وها أنت تكون صامتاً ولا تقدر أن تتكلم الى اليوم الذي يكون فيه هذا لأنك لم تصدق كلامي الذي سيتم في وقته » انجيل لوقا ١ ـ ٢٠ .
( بحث روائي آخر )
وفي الكافي عن الصادق عليهالسلام : ما من قلب إلا وله اذنان على إحديهما ملك مرشد ، وعلى الاخرى شيطان مفتن : هذا يأمره ، وهذا يزجره ؛ الشيطان يأمره بالمعاصي ، والملك يزجره عنها ، وذلك قول الله عز وجل : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد عن اليمين وعن الشمال قعيد .
أقول : والروايات في هذا المعنى كثيرة سيأتي شطر منها ، وتطبيقه عليهالسلام الآية على الملك والشيطان في هذه الرواية لا ينافي تطبيقه إياها على الملكين الكاتبين للحسنات والسيئات في رواية اخرى فإن الآية لا تدل على أزيد من وجود رقيب عتيد عند الإنسان يرقبه في جميع ما يتكلم به ، وأنه متعدد عن يمين الإنسان وشماله ، وأما أنه من الملائكة محضاً أو ملك وشيطان فالآية غير صريحة في ذلك قابلة للانطباق على كل من المحتملين .
وفيه أيضاً عن زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرسول وعن النبي وعن المحدث ، قال : الرسول الذي يعاين الملك يأتيه بالرسالة من ربه يقول : يأمرك كذا وكذا ، والرسول يكون نبياً مع الرسالة ، والنبي لا يعاين الملك ينزل عليه الشيء النبأ على قلبه فيكون كالمغمى عليه فيرى في منامه ، قلت فما علمه أن الذي في منامه حق ؟ قال : يبينه الله حتى يعلم أن ذلك حق ، ولا يعاين الملك ، الحديث .