رب لهم إلا واحد إذ لا خالق لهم إلا واحد .
وأما قوله تعالى : ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فمن حيث أفاد أن المجتمع الإنساني على كثرة أفراده وتفرق أشخاصه أبعاض من حقيقة واحدة هي حقيقة الإنسان ونوعه فما أودعته فيه يد الصنع والإيجاد من الاستحقاق والاستعداد الموزع بينهم على حد سواء يقضي بتساويهم في حقوق الحياة واستوائهم على مستوى واحد ، وما تفاوت فيه أحوال الأفراد واستعدادهم في اقتناء مزايا الحياة من مواهب الانسانية العامة التي ظهرت في مظاهر خاصة من هيهنا وهناك وهنالك يجب أن تعطاه الانسانية لكن من حيث تسأله ، كما أن الازدواج والولادة والمعالجة مثلاً من مسائل الانسانية العامة لكن الذي يعطي الازدواج هو الإنسان البالغ الذكر أو الانثى ، والولادة يعطاها الإنسان الانثى ، والعلاج يعطاه الإنسان المريض .
وبالجملة أفراد الإنسان المجتمع أبعاض متشابهة من حقيقة واحدة متشابهة فلا ينبغي أن يحمل البعض إرادته وهواه على البعض إلا أن يتحمل ما يعادله ، وهو التعاون على اقتناء مزايا الحياة ، وأما خضوع المجتمع أو الفرد لفرد أعني الكل أو البعض لبعض بما يخرجه عن البعضية ، ويرفعه عن التساوي بالاستعلاء والتسيطر والتحكم بأن يؤخذ رباً متبع المشية ، يحكم مطلق العنان ، ويطاع فيما يأمر وينهى ففيه إبطال الفطرة وهدم بنيان الإنسانية .
وأيضاً من حيث إن الربوبية مما يختص بالله لا رب سواه فتمكين الإنسان مثله من نفسه يتصرف فيه بما يريد من غير انعكاس ، اتخاذ رب من دون الله لا يقدم عليه من يسلم لله الأمر .
فقد تبين أن قوله : ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله يفصح عن حجتين فيما يفيده من المعنى : إحديهما كون الأفراد أبعاضاً ، والآخر كون الربوبية من خصائص الالوهية .
قوله تعالى : فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون استشهاد ، بأنهم ( وهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن اتبعه ) على الدين المرضي عند الله تعالى وهو الإسلام ، قال : « إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ » آل عمران ـ ١٩ ، فينقطع بذلك خصامهم وحجاجهم إذ لا حجة على الحق وأهله .