وما هو من الكتاب ، الليّ هو فتل الحبل ، وليّ الرأس واللسان إمالتهما . قال تعالى : « لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ » المنافقون ـ ٥ ، وقال تعالى : « لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ » النساء ـ ٤٦ ، والظاهر أن المراد بذلك أنهم يقرأون ما افتروه من الحديث على الله سبحانه بألحان يقرأون بها الكتاب تلبيساً على الناس ليحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب .
وتكرار لفظ الكتاب ثلاث مرات في الكلام لدفع اللبس فإن المراد بالكتاب الأول هو الذي كتبوه بأيديهم ونسبوه الى الله سبحانه ، وبالثاني الكتاب الذي أنزله الله تعالى بالوحي ، وبالثالث هو الثاني كرر لفظه لدفع اللبس وللإشارة الى أن الكتاب بما أنه كتاب الله أرفع منزلة من أن يشتمل على مثل تلك المفتريات ، وذلك لما في لفظ الكتاب من معنى الوصف المشعر بالعلية .
ونظيره تكرار لفظ الجلالة في قوله : ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ، فالمعنى وما هو من عند الله الذي هو إله حقاً لا يقول إلا الحق ، قال تعالى : « وَالْحَقَّ أَقُولُ » ص ـ ٨٤ .
وأما قوله : ويقولون علی الله الكذب وهم يعلمون تكذيب بعد تكذيب لنسبتهم ما اختلقوه من الوحي الى الله سبحانه فإنهم كانوا يلبسون الأمر على الناس بلحن القول فأبطله الله بقوله : وما هو من الكتاب ثم كانوا يقولون بألسنتهم هو من عند الله فكذبهم الله : أولاً بقوله : وما هو من عند الله ، وثانياً بقوله : ويقولون على الله الكذب ، وزاد في الفائدة أولا أن الكذب من دأبهم وديدنهم ، وثانياً أن ذلك ليس كذباً صادراً عنهم بالتباس من الأمر عليهم بل هم عالمون به متعمدون فيه .
( بحث روائي )
في الدر المنثور في قوله تعالى : قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء الآية أخرج ـ يعني ابن جرير ـ عن السدي ، قال : ثم دعاهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ يعني الوفد من نصارى نجران ـ فقال : يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء الآية .
اقول
: وروى فيه هذا المعنى أيضاً عن ابن جرير
عن محمد بن جعفر بن الزبير وظاهر الرواية أن الآية نزلت فيهم ، وقد قدمنا الرواية في أول السورة الدالة على أن