صدر السورة إلى نيف وثمانين آية نزلت في نصارى نجران ، وهذه الآية منها لوقوعها قبل تمام العدد .
وورد في بعض الروايات أن رسول الله دعا يهود المدينة الى الكلمة السواء حتى قبلوا الجزية ، وذلك لا ينافي نزول الآية في وفد نجران .
وفي صحيح البخاري بإسناده عن ابن عباس عن أبي سفيان في حديث طويل يذكر فيه كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى هرقل عظيم الروم ، قال أبو سفيان ثم دعا يعني هرقل بكتاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقرأه فإذا فيه ، بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا الی كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ـ إلى قوله ـ : اشهدوا بأنا مسلمون الحديث .
اقول : ورواه أيضاً مسلم في صحيحه ، ورواه السيوطي في الدر المنثور عن النسائي وعبد الرزاق وابن أبي حاتم عن ابن عباس .
وقد قيل إن كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى مقوقس عظيم القبط أيضاً كان مشتملاً على قوله تعالى : يا أهل الكتاب تعالوا إلی كلمة سواء بيننا وبينكم ، وهناك نسخة منسوبة اليه صلىاللهعليهوآلهوسلم مخطوطة بالخط الكوفي تضاهي كتابه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى هرقل وقد استنسخ منها أخيراً بالتصوير الشمسي ما يوجد عند كثيرين .
وكيف كان فقد ذكر المؤرخون أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما كتب الكتب وأرسل الرسل إلى الملوك من قيصر وكسرى والنجاشي سنة ست من الهجرة ، ولازمه نزول الآية في سنة ست أو قبلها وقد ذكر المؤرخون كالطبري وابن الأثير والمقريزي أن نصارى نجران إنما وفدوا على رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم سنة عشر من الهجرة ، وذكر آخرون كأبي الفداء في البداية والنهاية ونظيره في السيرة الحلبية أن ذلك كان في سنة تسع من الهجرة ، ولازم ذلك نزول هذه الآية في سنة تسع أو عشر .
وربما قيل : إن الآية مما نزلت أول الهجرة على ما تشعر به الروايات الآتية ، وربما قيل : إن الآية نزلت مرتين نقله الحافظ ابن حجر .