الآيات الثلاث من المحكمات لا أن المحكمات هي الآيات الثلاث ، ففي الدر المنثور أخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبد الله بن قيس سمعت ابن عباس يقول في قوله منه آيات محكمات ، قال : الثلاث آيات من آخر سورة الأنعام محكمات : قل تعالوا ، والآيتان بعدها .
ويؤيد ذلك ما رواه عنه أيضاً في قوله : آيات محكمات ، قال : من هاهنا : قل تعالوا الى آخر ثلاث آيات ، ومن هاهنا : وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه الى آخر ثلاث آيات . فالروايتان تشهدان أنه إنما ذكر هذه الآيات مثالاً لسائر المحكمات لا أنه قصرها فيها .
وثانيها : عكس الأول وهو أن المحكمات هي الحروف المقطعة في فواتح السور والمتشابهات غيرها . نقل ذلك عن أبي فاختة حيث ذكر في قوله تعالى : هن ام الكتاب : أنهن فواتح السور منها يستخرج القرآن : ألم ذلك الكتاب ، منها استخرجت البقرة وألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ، منها استخرجت آل عمران وعن سعيد بن جبير مثله في معنى قوله : هن ام الكتاب ، قال : أصل الكتاب لأنهن مكتوبات في جميع الكتب ، انتهى . ويدل ذلك على أنهما يذهبان في معنى فواتح السور الى أن المراد بها ألفاظ الحروف بعناية أن الكتاب الذي نزل عليكم هو هذه الحروف المقطعة التي تتألف منها الكلمات والجمل ، كما هو أحد المذاهب في معنى فواتح السور .
وفيه : مضافاً الى أنه مبني على ما لا دليل عليه أصلاً أعني تفسير الحروف المقطعة في فواتح السور بما عرفت أنه لا ينطبق على نفس الآية فإن جميع القرآن غير فواتح السور يصير حينئذ من المتشابه ، وقد ذم الله سبحانه اتباع المتشابه ، وعده من زيغ القلب مع أنه تعالى مدح اتباع القرآن بل عده من أوجب الواجبات كقوله تعالى : « وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ » الأعراف ـ ١٥٧ ، وغيره من الآيات .
وثالثها : أن المتشابه هو ما يسمى مجملاً والمحكم هو المبين .
وفيه : أن ما بين من أوصاف المحكم والمتشابه
في الآية لا ينطبق على المجمل والمبين . بيان ذلك : أن اجمال اللفظ هو كونه بحيث يختلط ويندمج بعض جهات
٣ ـ الميزان ـ ٣