قوله : وإذ أخذنا من النبيين ـ إلی قوله ـ : ثم جاءكم رسول ، وقد مر في ذيل قوله تعالى : « كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً الآية » البقرة ـ ٢١٣ ، الفرق بين النبوة والرسالة وأن الرسول أخص مصداقاً من النبي .
فعلى ظاهر ما يفيده اللفظ يكون الميثاق مأخوذاً من مقام النبوة لمقام الرسالة من غير دلالة على العكس .
وبذلك يمكن المناقشة فيما ذكر بعضهم أن المحصل من معنى الآية أن الميثاق مأخوذ من عامة النبيين أن يصدق بعضهم بعضاً ، ويأمر بعضهم بالإيمان ببعض ، أي إن الدين واحد يدعو اليه جميع الأنبياء ، وهو ظاهر .
فمحصل معنى الآية على ما مر : أن الله أخذ الميثاق من الأنبياء واممهم أن لو آتاهم الله الكتاب والحكمة وجاءهم رسول مصدق لما معهم ليؤمنن بما آتاهم وينصرن الرسول وذلك من الأنبياء تصديق من المتأخر للمتقدم والمعاصر ، وبشارة من المتقدم بالمتأخر وتوصية الامة ، ومن الامة الإيمان والتصديق والنصرة ، ولازم ذلك وحدة الدين الإلهي .
وما ذكره بعض المفسرين أن المراد بالآية أن الله أخذ الميثاق من النبيين أن يصدقوا محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويبشروا أممهم بمبعثه ، فهو وإن كان صحيحاً إلا أنه أمر يدل عليه سياق الآيات كما مرت الإشارة اليه دون الآية في نفسها لعموم اللفظ بل من حيث وقوع الآية ضمن الاحتجاج على أهل الكتاب ولومهم وعتابهم على انكبابهم على تحريف كتبهم وكتمان آيات النبوة والعناد والعتو مع صريح الحق .
قوله تعالى : فمن تولی بعد ذلك « الخ » تأكيد للميثاق المأخوذ المذكور ، والمعنى واضح .
قوله
تعالى : أفغير دين الله يبغون وله أسلم ، تفريع
على الآية السابقة المتضمنة لأخذ ميثاق النبيين ، والمعنى فإذا كان دين الله واحداً وهو الذي أُخذ عليه الميثاق
من عامة النبيين واممهم وكان على المتقدم من الأنبياء والامم أن يبشروا بالرسول المتأخر
ويؤمنوا بما عنده ويصدقوه فماذا يقصده هؤلاء معاشر أهل الكتاب وقد كفروا بك وظاهر حالهم أنهم يبغون الدين فهل يبغون غير الإسلام الذي هو دين الله الوحيد ؟