أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ إلى أن قال : لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ » النجم ـ ١٨ ، فأثبت للقلب رؤية تخصه ، وليس هو الفكر فإن الفكر إنما يتعلق بالتصديق والمركب الذهني والرؤية إنما تتعلق بالمفرد العيني ، فيتبين بذلك أنه توجه من القلب ليست بالحسية المادية ولا بالعقلية الذهنية ، والأمر على هذه الوتيرة في سائر المتشابهات .
٣ ـ ما معنى التأويل ؟
فسر قوم من المفسرين التأويل بالتفسير وهو المراد من الكلام ، وإذ كان المراد من بعض الآيات معلوماً بالضرورة كان المراد بالتأويل عليهذا من قوله تعالى : وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله الآية ، هو المعنى المراد بالآية المتشابهة ، فلا طريق الى العلم بالآيات المتشابهة على هذا القول لغير الله سبحانه أو لغيره وغير الراسخين في العلم .
وقالت طائفة اخرى : أن المراد بالتأويل : هو المعنى المخالف لظاهر اللفظ ، وقد شاع هذا المعنى بحيث عاد اللفظ حقيقة ثانية فيه بعد ما كان بحسب اللفظ لمعنى مطلق الإرجاع أو المرجع .
وكيف كان فهذا المعنى هو الشائع عند المتأخرين كما أن المعنى الأول هو الذي كان شائعاً بين قدماء المفسرين ، سواء فيه من كان يقول : إن التأويل لا يعلمه إلا الله ، ومن كان يقول : إن الراسخين في العلم أيضاً يعلمونه كما نقل عن ابن عباس : أنه كان يقول : أنا من الراسخين في العلم وأنا أعلم تأويله .
وذهب طائفة اخرى : إلى أن التأويل معنى من معاني الآية لا يعلمه إلا الله تعالى ، أو لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم مع عدم كونه خلاف ظاهر اللفظ ، فيرجع الأمر إلى أن للآية المتشابهة معاني متعددة بعضها تحت بعض ، منها ما هو تحت اللفظ يناله جميع الأفهام ، ومنها ما هو أبعد منه لا يناله إلا الله سبحانه أو هو تعالى والراسخون في العلم .
وقد اختلفت أنظارهم في كيفية ارتباط هذه
المعاني باللفظ فإن من المتيقن أنها من حيث كونها مرادة من اللفظ ليست في عرض واحد وإلا لزم استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد وهو غير جائز على ما بين في محله ، فهي لا محالة معان مترتبة في