تأويل المتشابه من القرآن ، وذهب معظم القدماء والحنفية من أهل السنة إلى أنه للاستيناف وأنه لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله وهو مما استأثر الله سبحانه بعلمه . وقد استدلت الطائفة الاولى على مذهبها بوجوه كثيرة ، وببعض الروايات . والطائفة الثانية بوجوه اخر وعدة من الروايات الواردة في أن تأويل المتشابهات مما استأثر الله سبحانه بعلمه وتمادت كل طائفة في مناقضة صاحبتها والمعارضة مع حججها .
والذي ينبغي أن يتنبه له الباحث في المقام أن المسألة لم تخل عن الخلط والاشتباه من أول ما دارت بينهم ووقعت مورداً للبحث والتنقير ، فاختلط رجوع المتشابه الى المحكم . وبعبارة اخرى المعنى المراد من المتشابه بتأويل الآية كما ينبیء به ما عنونا به المسألة وقررنا عليه الخلاف وقول كل من الطرفين آنفاً .
ولذلك تركنا التعرض لنقل حجج الطرفين لعدم الجدوى في إثباتها أو نفيها بعد ابتنائها على الخلط . وأما الروايات فإنها مخالفة لظاهر الكتاب فإن الروايات المثبتة ، أعني الدالة على أن الراسخين في العلم يعلمون التأويل فإنها أخذت التأويل مرادفاً للمعنى المراد من لفظ المتشابه ولا تأويل في القرآن بهذا المعنى . كما روي من طرق أهل السنة : أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دعا لابن عباس فقال : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ، وما روي من قول ابن عباس : أنا من الراسخين في العلم وأنا أعلم تأويله ، ومن قوله : إن المحكمات هي الآيات الناسخة والمتشابهات هي المنسوخة فإن لازم هذه الروايات على ما فهموه أن يكون معنى الآية المحكمة تاويلاً للآية المتشابهة وهو الذي أشرنا إليه أن التأويل بهذا المعنى ليس مورداً لنظر الآية .
وأما الروايات النافية أعني الدالة على أن غيره لا يعلم تأويل المتشابهات مثل ما روي : أن ابن عباس كان يقرأ : وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به وكذلك كان يقرأ أُبي بن كعب . وما روي أن ابن مسعود كان يقرأ : وإن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به ، فهذه لا تصلح لإثبات شيء : أما أولاً : فلأن هذه القراءاتْ لا حجية فيها . وأما ثانياً : فلأن غاية دلالتها أن الآية لا تدل على علم الراسخين في العلم بالتأويل وعدم دلالة الآية عليه غير دلالتها على عدمه كما هو المدعى فمن الممكن أن يدل عليه دليل آخر .
ومثل ما في الدر المنثور عن الطبراني عن
أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول