الأصحاب بعد أن اختار هو الوجوب ، وتبعه ثاني الشهيدين والكركي ، ومقتضاه جواز الاقتصار على مصرف واحد منها ولو أكله أجمع ، بل قد يستفاد من نحو عبارة المتن ـ المقابل فيها القول بوجوب الأكل للقول باستحباب التثليث ـ ان أصل الصرف مستحب.
وكيف كان فقد سمعت ما قاله ابن إدريس الذي أشار إليه المصنف بقوله : وقيل : يجب الأكل منه بل اختاره هو فقال وهو الأظهر وتبعه عليه بعض من تأخر عنه كالفاضل وغيره للأمر به في الكتاب والسنة ، لكن فيه ـ مع عدم اختصاصه بهدي التمتع ـ انه في مقام توهم الحظر ، خصوصا بعد أن كان المحكي عن الجاهلية تحريم ذلك على أنفسهم ، قال في الكشاف : « الأمر بالأكل منها أمر إباحة ، لأن أهل الجاهلية ما كانوا يأكلون من نسائكهم ، ويجوز أن يكون ندبا ، لما فيه من مواساة الفقراء ومساواتهم من استعمال التواضع ، ومن ثم استحب الفقهاء ان يأكل الموسع من أضحيته مقدار الثلث » الى آخره. مضافا الى أنه هدي لله تعالى ، ووصوله إليه بأكل الفقراء له ، بل قد يقال بجواز الاقتصار على الصدقة التي هي الأصل في ذلك وان أطلق الأمر بالإطعام في الآيتين إلا أنها هي المنساقة منه بملاحظة المتعلق ، ولكن مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط.
نعم ظاهر اقتصار المصنف على حكاية القول بوجوب الأكل المفروغية من عدم وجوب غيره ، ولعله للأصل بعد صرف الأمر بذلك في الكتاب والنصوص إلى إرادة بيان كيفية الصرف لو اراده لا وجوبه ، إلا انك قد سمعت ما في الدروس وبعض من تأخر عنها ، ولا ريب في انه الأحوط أيضا.
واما القسمة أثلاثا فلم اعرف قولا بوجوبها ، وفي دعائم الإسلام (١) عن
__________________
(١) المستدرك ـ الباب ـ ٣٥ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٧.