الحرم » وفيه ان النصوص المزبورة ظاهرة الدلالة على غسلين : أحدهما للحرم والآخر لدخول مكة ، والتخيير المزبور فيها غير مناف خصوصا بعد احتمال الرخصة في التداخل ، وأما الغسل الثالث لدخول المسجد فإنه وإن كنا لم نعثر في النصوص على ما يدل عليه لكن يكفي فيه ما عن الخلاف والغنية من الإجماع عليه ، نعم المعروف في الغسل للمكان التقدم على دخوله ، ولكن ظاهر النصوص المزبورة الرخصة في الغسلين الأولين بوقوعهما بعد الدخول ، كما ان ظاهره الاجزاء بغسل واحد عنهما بعد دخول مكة ، ولا بأس به ، بل لا بأس بقصد دخول المسجد معهما لما ذكرناه في كتاب الطهارة من جواز التداخل في الأغسال المندوبة.
ثم قال فيها بعد ما سمعت : « وكذا الإشكال في قول المصنف فلو حصل عذر اغتسل بعد دخوله إذ مقتضى الروايات التخيير بين الغسل قبل دخول الحرم وبعده ، لا اعتبار العذر في تأخيره عن الدخول كما هو واضح » قلت : قد سمعت ما يدل على استحباب الغسل عند دخول الحرم الذي لا ينافيه التخيير المزبور المحمول على بيان الجواز أو التداخل أو غير ذلك ، بل قوله عليهالسلام في حسن معاوية (١) : « وإن تقدمت فاغتسل من بئر ميمون أو من فخ » ظاهر في ذلك ، ضرورة كون المراد أن الأولى الغسل للحرم عند دخوله ، لكن مع التقدم يجزيك الغسل له ولدخول مكة من بئر ميمون بن عبد الله الحضرمي الذي كان حليفا لبني أمية ، وكان حفرها بالجاهلية ، وهي بأبطح مكة ، أو من فخ وهي على رأس فرسخ من مكة ، فالأول للقادم من العراق ونحوه ، والثاني
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب مقدمات الطواف ـ الحديث ٢.