الأولى ـ ان ما جعله فعلا نفسيا وراء الفعل الخارجي وهو تأثير النّفس واختيارها وإعمالها لإمكانيتها في إيجاد الصلاة ليس بحسب الحقيقة أمرا وراء الفعل الخارجي فان الأعمال عين العلم والتأثير عين الأثر وهذه عناوين انتزاعية منتزعة من نفس العمل والأثر فالإعمال والعمل والإيجاد والوجود والتأثير والأثر مفهومان مختلفان بالاعتبار متحدان خارجا فمثلا الإحراق تارة يلحظ منسوبا إلى الفاعل فيسمى إحراقا وإيجادا للاحتراق وأخرى يلحظ منسوبا إلى المحل فيسمى وجودا واحتراقا.
الثانية ـ ان إدخال فرضية وجود عمل نفساني وراء العمل الخارجي وتوسيطه بين الإرادة والفعل لا دخل له في حل الشبهة فيمكننا ان نلتزم رأسا في الفعل الخارجي بما التزم به المحقق النائيني ( قده ) في الفعل النفسيّ من خروجه عن قانون ان الشيء ما لم يجب لم يوجد فان كان هذا التخصيص لذاك القانون كافيا لرفع الشبهة فيمكن ان يطبق ابتداء على الفعل الخارجي وان لم يكن كافيا لذلك فافتراض فعل آخر متوسط بين الإرادة والفعل لا يؤثر في رفع الشبهة.
الثالثة ـ اننا إذا لاحظنا الفعل الخارجي ونسبته إلى الفعل النفسانيّ رأينا ان حاله حال سائر الحوادث في عالم الطبيعة أي ينطبق عليه قانون ان الشيء ما لم يجب لم يوجد إذ هو وليد الفعل النفسانيّ واما إذا لاحظنا الفعل النفسانيّ فقد افترض ( قده ) انه خارج عن قانون ان الشيء ما لم يجب لم يوجد وسواء فرضنا ان هذا الفعل النفسانيّ هو الخارج عن هذا القانون أو فرضنا ان الفعل الخارجي ابتداء هو الخارج عن هذا القانون نقول : انه من الواضح ان هذا القانون لم يكن قانونا تعبديا يقبل التخصيص تعبدا وانما هو قانون عقلي فيأتي السؤال عن انه ما هو المصحح لوجود هذا الفعل بعد فرض عدم وجوبه الذاتي وكيف وجد؟ فنقول : ان الأمر في ذلك لا يخلو من أحد فروض :
١ ـ ان يكون المصحح لوجوده هو الوجوب بالغير والضرورة المكتسبة من العلة وهذا خلف الخروج من قاعدة ان الشيء ما لم يجب لم يوجد.
٢ ـ ان يكون المصحح له مجرد الإمكان الذاتي أي ان مجرد إمكان صدوره عن الفاعل يكفي في صدوره وهذا أيضا غير صحيح إذ من الواضح بالفطرة ان الإمكان