وكيف كان فـ ( إذا تلف المبيع ) بآفة سماوية قبل تسليمه إلى المشتري وقبل تمكينه منه ، انفسخ العقد وكان من مال البائع وعاد الثمن إلى المشتري بلا خلاف أجده فيه ، بل في التذكرة والدروس حتى لو أبرأه المشتري من الضمان كما تقدم البحث فيه ، وفيما لو مكنه منه ، فامتنع من تسلمه أو أنه يتركه عند البائع باختياره والظاهر أن إتلاف المشتري بمنزلة القبض ، سواء كان عالما أو جاهلا ، للأصل السالم عن معارضة الخبر (١) المنساق منه غير الفرض ، بقرينة ظهوره في إرادة الإرفاق بالمشتري ، واحتمل الشافعي عدم كونه بمنزلة القبض في الأول ، فضلا عن الثاني ، بل في التذكرة « هذا إذا كان المشتري عالما ، أما إذا كان جاهلا بأن قدم البائع الطعام المبيع إلى المشتري فأكله ، فالأقرب أنه ليس قبضا وأنه كإتلاف البائع » وهو كما ترى.
ولو أتلفه البائع ففي القواعد والدروس وغيرهما أنه يتخير المشتري بين الفسخ ورد الثمن ، وبين الالتزام ومطالبة البائع بالمثل أو القيمة ، كما لو أتلفه أجنبي ، وعن الشيخ الفرق بينهما ، فجعل الأول كالتلف بآفة سماوية ، ووافق على الخيار في الثاني الذي ظاهرهم الاتفاق على الخيار فيه ، لكن قد يحتمل الانفساخ فيهما معا ، عملا بإطلاق الخبر (٢) وعدم جواز الإتلاف للبائع ـ فضلا عن الأجنبي ، لأن ليس له الفسخ فيكون عاديا فيه ، فيترتب عليه المطالبة بما أتلفه ـ لا ينافي تحقق الانفساخ به ، للخبر المزبور ، وإن كان قد أثم بالفعل ، على أنه لو فرض عدم تناول الخبر المزبور له ، أشكل ثبوت أصل الخيار له ، بل المتجه اللزوم ومطالبة البائع أو الأجنبي بالمثل أو القيمة ، وتعذر التسليم على هذا الوجه لم يثبت سببيته للخيار ، وخبر الضرار (٣) يدفعه ما وضعه
__________________
(١) الوسائل الباب ١٠ من أبواب الخيار الحديث ١.
(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب الخيار الحديث ١.
(٣) الوسائل الباب ١٧ من أبواب الخيار الحديث ٣ و ٥.