فأما لو منعه البائع عن التسليم ، ثم سلم بعد مدة ، كان له الأجرة لأنه غاصب إذا لم يكن امتناعه بحق ، كقبض الثمن ، بل في جامع المقاصد احتمال الضمان أيضا ، لأن جواز الحبس غير سقوط حق المنفعة ، ولا يلزم من ثبوت الأول الثاني وإن كان الأقوى الأول. ثم إن الظاهر جريان حكم الغاصب عليه في صورة عدم كون الحبس بحق ، ينافيه الاحتمال السابق ، في عدم الانفساخ قهرا لو تلف في يده بآفة سماوية.
ولو طلب المشتري الانتفاع بالمبيع في يد البائع بنفسه وبغيره إلى حين تسليم الثمن ففي جامع المقاصد الظاهر أن للبائع المنع ، وفيه نظر ، وكيف كان فالنفقة في مدة الحبس على المشتري ، لأن العين ملكه ، فان امتنع منها رفع البائع أمره إلى الحاكم ، فان تعذر أنفق بنية الرجوع ورجع بها كما في نظائره. لكن في جامع المقاصد ما أشبه هذه المسألة ، بمثل منع الزوجة نفسها قبل الدخول إلى أن تقبض المهر ، فان في استحقاقها النفقة تردد ، قال : ويحتمل الفرق بين المؤسر والمعسر ، وفيه أنه يمكن الفرق بين المقامين. والله أعلم.
ويلحق بهذا اى النظر الثالث بيع ما لم يقبض وفيه مسائل الأولى : من ابتاع متاعا ولم يقبضه ثم أراد بيعه جاز إن لم يكن مكيلا أو موزونا إجماعا بقسميه ونصوصا (١) ولا يشمله النهي عن بيع ما ليس عنده (٢) قطعا ، كما أنه لم يثبت حديث النهي عن بيع مطلق ما لم يقبض (٣) كما اعترف به في الروضة ، ولئن ثبت كان حمله على الكراهة بالنسبة إلى ذلك متعينا ، فما حكاه في التذكرة عن بعضهم من القول بالمنع ـ مع أنا لم نتحقق القائل به ـ فاسد قطعا نعم كره له ذلك مطلقا كما عن بعضهم ، للمرسل المزبور (٤) وإشعار بعض النصوص (٥) أو إن كان المبيع مما
__________________
(١) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود.
(٢) الوسائل الباب ٢ من أبواب أحكام العقود الحديث ٤.
(٣) الوسائل الباب ١٠ من أبواب أحكام العقود الحديث ٦ سنن البيهقي ج ٥ ص ٣١٣.
(٤) الوسائل الباب ١٠ من أبواب أحكام العقود الحديث ٦ سنن البيهقي ج ٥ ص ٣١٣.
(٥) الوسائل الباب ١٦ من أبواب أحكام العقود الحديث ١ و ٩ و ١٨.