ولعل فرق الأصحاب بين الحضور وعدمه لذلك ، على معنى ، أن الحاضر منفصل بعنوان وصول تمام حقه إليه ، على وجه يكون كالمعترف فعلا ، بخلاف غير الحاضر ولذا كان القول قول البائع مع الحضور والمشتري مع عدمه ، ولعل هذا تحقيق المسألة إن لم يكن إجماعا على غيره.
وكيف كان فمما ذكرنا ينقدح الوجه فيما ذكره غير واحد ، بل هو المشهور ، بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا ، بل في الرياض نفى الخلاف ، وأنه هو الحجة من أنه إن كان المشتري قد حضر الكيل والوزن فالقول قول البائع مع يمينه ، والبينة على المشتري خصوصا مع اعتضاد قول البائع هنا بظهور الحضور ، في تمامية المقبوض ، واحتمال السهو والغلط ونحوهما لا ينافي الظهور المزبور ، بل قبضه مع حضوره ، بمنزلة اعترافه بتمامية الفعل ، فلا يسمع منه دعوى النقصان من دون ذكر وجه معتد به لما وقع منه ، نحو ما إذا وقع الاعتراف منه بذلك ، والأصل براءة ذمة البائع بعد حصول ذلك منه ، فيتفق حينئذ الأصل والظاهر ، والترك لو ترك في المقام ، ولا فرق في ذلك بين دعوى كثرة النقصان وقلته.
ولكن في التحرير وإن حضر فالقول البائع إن ادعى نقصانا كثيرا ، والوجه قبول قوله في قليل يمكن وقوعه في الكيل ، وكأنه لحظ عدم الظهور في الأخير ، بخلاف الأول ، وفيه منع ؛ مع أن العمدة ما عرفت ، ومنه يعلم أنه لا وجه لتوقف بعضهم في الحكم المزبور ، وأنه لا دليل على اعتبار الظهور ورجحانه على الأصل أولا ، ومنع الظهور ثانيا ، لاحتمال الغلط والسهو وغيرهما ، فان لم ينعقد إجماع كان الوجه تقديم قول المشتري على كل حال ؛ إذ قد عرفت أن الوجه ما ذكرناه ، ولا يرد مثله في الأول ، لأن المفروض عدم حضوره ، بل كان قبضه مبنيا على إخبار البائع ، بل لو اعترف كان المراد من اعترافه البناء على ظاهر الإخبار. هذا كله إذا أبرز الدعوى بما ذكرنا.
أما لو ادعى المشتري عدم قبض جميع حقه كان القول قوله وإن كان حاضرا ،