كون المبيع في الذمة ، وشرط التأدية من الصبرة خروج عن موضوع البحث ومقتضاه عدم البطلان ، حتى لو تلفت الصبرة أجمع ؛ وإن تسلط على الخيار بانعدام الشرط.
بقي شيء وهو أن منشأ الوجهين على الظاهر ، الاختلاف في تعيين مراد المتعاملين من العبارة التي هي مورد العقد ، لان ذلك حكم شرعي وإن لم يقصداه ، فيخرج عن محل البحث حينئذ ما صرح فيه بقصد الإشاعة أو الكلي ، إلا أنه قد يشكل صحة الثاني ، بناء على عدم ملك الكلي في غير الذمة لا على وجه الإشاعة وخبر الأطنان (١) لا دليل فيه على صحته ، بل هو أعم منه ومن الإشاعة ، وإن كان قد خولف مقتضاها بجعل التالف عن البائع خاصة ، فيكون حكما شرعيا تعبديا لا يقاس عليه غيره.
بل قد يقال : إن هذا المعنى حكم مطلق بيع الصاع من الصبرة ، أما لو صرح به فلا دليل على جوازه وقد يحتمل في أصل المسألة أن منشأ الوجهين الاختلاف فيما تقتضيه الأدلة الشرعية في بيع مطلق الصاع من الصبرة من غير مدخلية لتعرف قصد المتعاملين ، بل لو علم خلوهما عن الأمرين معا ، جاء الوجهان أيضا ولم يحكم بفساد المعاملة ، فتأمل جيدا ، فإن التحقيق التنزيل على الإشاعة ، ضرورة كونه كالمالين المختلطين ، أو كالمال الذي اشترى أبعاضه ، هذا كله فيما يتوقف رفع جهالته على الاعتبار.
وأما بيع ما تكفى فيه المشاهدة فإنه جائز مع حصولها بلا خلاف ولا إشكال ، لحصول المقتضى وانتفاء المانع كأن يقول : بعتك هذه الأرض أو هذا الثوب ، أو هذه الساجة بالجيم أو جزء منها مشاعا من غير مسح لها ، بناء على كفاية المشاهدة في الثلاثة كما هو الأقوى ، خلافا للشيخ في المحكي من ظاهر خلافه ، فمنع في الأولين من دون مسح ، ولا ريب في ضعفه ، سيما بعد اقتضاء العمومات الجواز ولا معارض وكذا ما لا يكون العد معتبرا في معرفته ، كقطيع الغنم ، وجملة النخيل والشجر وصبرة الكتب ونحو ذلك ، فيصح شراؤه بعد مشاهدة كل واحد مثلا
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٩ من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ـ ١.