فلو صح غيرها وقع ما لم يقصد ، وما قصد لم يقع ، والأول أقوى ، وربما يشهد له ما سمعته هنا من الجواز ممن عرفت لو أخبر بالحال وان لم يكن مرابحة مما ظاهره ذلك ، وان قصد المتعاملان المرابحة ولو للجهل منهما بموضوعهما ، بل منه يظهر الوجه فيما ذكرناه سابقا من ثبوت الخيار لو كذب البائع في رأس المال إذا لم يكن له رأس مال بل كان موروثا أو متهبا ، ضرورة ابتنائه على صحة البيع ، وربما انقدح منه ثبوت الخيار في كل ما فعل بعنوان المرابحة فبان عدم موضوعها ، إذ لعل له غرضا بذلك كوفاء نذر أو إنفاذ وصية ونحو ذلك فتأمل جيدا والله أعلم.
المسألة الخامسة إذا قوم التاجر على الدلال متاعا وربح عليه أو لم يربح ولم يواجبه البيع لم يجز للدلال بيعه مرابحة على ما قوم عليه بلا خلاف أجده فيه ، لأن الغرض عدم الشراء ، ول ما رواه في الكافي عن الكناني والفقيه عنه وعن سماعة والتهذيب عن الكناني وعمرو بن عيسى عن سماعة (١) عن أبى عبد الله عليهالسلام « في الرجل يحمل المتاع لأهل السوق وقد قوموا عليه قيمة فيقولون بع فما ازددت فلك؟ قال : لا بأس بذلك ، ولكن لا يبعهم مرابحة » ونحوه ذلك صحيح زرارة (٢) الاتى ، وحينئذ فإن فعل كان آثما ، بل يمكن فساد بيعه الا بعد الاخبار بالصورة قبل البيع ، فإنه يصح بيعه حينئذ وإن لم يكن مرابحة حقيقة ، لعدم الشراء من البائع ، إلا أنها بصورة المرابحة ، لكن لا يبعد جريان الخيار فيها لو فرض كذب الدلال فيما ذكره من التقويم الذي هو بمنزلة رأس المال ، لفحوى ما عرفت وعلى كل حال لا يجب على التاجر الوفاء لو قال له بعه بذلك والزائد لك ، للأصل إذ ليس هو إلا وعدا ، ولا يجب الوفاء به ، ضرورة فساد كونه إجارة وجعالة للجهالة ، وعدم ملك الزيادة حال القول ، ولأنها ببيع الدلال انتقلت إلى التاجر باعتبار كونها عوض ملكه ، ولا مقتضى للانتقال عنه إلا القول الأول الذي لم يثبت كونه ناقلا لمثلها ، كما انه لم يثبت كونه مقتضيا لانتقالها إلى الدلال من أول الأمر بل الثابت من قاعدة تبعية ملك الثمن للمثمن خلافه ، فلا شيء حينئذ للدلال بل الربح جميعه له أي
__________________
(١) الوسائل الباب ١٠ ـ من أبواب أحكام العيوب الحديث ـ ٣.
(٢) الوسائل الباب ١٠ من أبواب أحكام العقود الحديث ـ ٢ لكن ليس فيه ولكن لا يبيعهم مرابحة.