إنما الكلام في أصل العقد بهذا اللفظ أي التولية ، ولا يبعد جوازه لاندراجه في عموم الآية (١) بعد أن ذكر جماعة من الأصحاب العقد به ، بل ذلك قرينة إلى إرادة العقد بهذا اللفظ في النصوص المشتملة عليها ، لا أن المراد البيع برأس المال الواقع بألفاظه الخاصة ؛ ولا يشكل ذلك بعدم جواز العقد بلفظ المرابحة والوضيعة ، للفرق بذكر بعض الأصحاب العقد باللفظ الأول دونهما ، وبناء على أن المراد في الآية العقود المتداولة لا طريق إلى معرفة ذلك إلا ذكر الأصحاب ، مضافا إلى أن التولية ليس إلا البيع برأس المال ، بخلاف المرابحة والمواضعة التي لهما أفراد متعددة ، لتعدد أفراد الربح والنقصان ، وإلى أن كلا من لفظهما لا دلالة في أصله على النقل ، بخلاف التولية التي من مشتقاتها الولي بمعنى المالك المتصرف ، وهي بمعنى الإعطاء ، ونحوه مما يناسب إرادة النقل ، فتأمل جيدا.
وكيف كان فهي بيع يلحقها أحكامه من الشفعة والقدرة على التسليم وغيرهما ، كما أنه يلحقها الخيار المزبور في المرابحة ، لو كذب برأس المال على ما صرح به في التذكرة ، لاتحاد الطريق ، والزوائد المنفصلة قبل التولية للمولي وبعدها للمولى ، بالفتح خلافا لأحد قولي الشافعية والحط من الثمن بعد التولية وقبلها للمولي بالكسر ، وفي القواعد » لو باع تولية فحط البائع الأول عنه البعض فله الجميع ، وإن كان الحط قبل التولية فله الباقي إن كان بما أدى » وهو جيد إن صدق عليها اسم التولية التي هي كما عرفت البيع برأس المال ، ولا ريب في أنه الجميع ، ولا ينافيه الحط إذ هو إبراء وحينئذ فالبيع بما أدى وضيعة لا تولية ، والمراد بالبيع بما أدى الإخبار بمقداره قبل ؛ ثم البيع به ، لا أنه يناط البيع به ثم يعلم بعد ذلك ، ضرورة كونه حينئذ مجهولا فيفسد كما يفسد البيع بذلك ، والله أعلم.
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ١.