كان يلزم عليه أنه لا يجوز بيع رطل من العنب برطل من الزبيب ، وهذا لا يقول به أحد من أصحابنا بغير خلاف ، وهو كما ترى.
نعم تبعهما بعض متأخري المتأخرين ولو زاد في الرطب بما يساوي نقيصة الجفاف لم يرتفع المانع ، سواء كانت الزيادة من الجنس أو المخالف لفوات التساوي حال الابتياع ، كما أنه كذلك لو نقص في التمر ، وفي التحرير الاتفاق على منع بيع أحدهما بالآخر متفاضلا ، نعم لو نقص الرطب وضم إليه من غير جنسه وباعه بالتمر صح ، ولو فرض زيادة أحد العوضين على حال الابتياع من غير نقيصة للآخر جاز بعد إحراز المساواة حال البيع ، للأصل والإطلاقات السالمة عن معارضة تعدية العلة ، اللهم إلا أن يدعى ظهورها في إرادة المثال ، ولو كان النقصان بالجفاف يسيرا لقلة العوضين جرى عليه حكم الربا في وجه ، لكونه مما لا يتسامح فيه حال الكثرة ، وربما يومي إليه ترك الاستفصال في منع بيع الرطب بالتمر ، كما أن المتسامح به حال الكثرة لا يقدح في القلة وإن تفاحش ، وقد يقوى في النظر ملاحظة أشخاص الأعواض في ذلك ، ولو كان مما ينقصه التجفيف لا الجفاف أمكن الإكتفاء بالمساواة حال البيع ، إذا لم يكن معظم الانتفاع به متوقفا على التجفيف ، أو أنه متخذ عادة لذلك ، وكذا يكتفى بالمساواة في وجه لو كان مما يعود نقصه ، لاعتياد رش الماء عليه والله أعلم.
( فروع )
الأول : إذا كانا أي العوض والمعوض في حكم الجنس الواحد وأحدهما مكيل والآخر موزون كالحنطة والدقيق فبيع أحدهما بالآخر وزنا جائز مع التساوي وإن تفاوتا بالكيل وفاقا للمحكي عن المبسوط والسرائر والقاضي ، وبه صرح في التحرير والمسالك وغيرهما ، للإطلاقات وصدق بيع المثل بالمثل ، وفي صحيح زرارة (١) « الدقيق بالحنطة والسويق بالدقيق مثلا بمثل لا بأس به » وقال محمد بن مسلم (٢) للباقر عليهالسلام في
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الربا الحديث ـ ٤.
(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب الربا الحديث ـ ١ ـ باختلاف يسير.