ما يحتاج إليه البيع من القصد ، إذ لا يشترط في القصد الى عقد قصد جميع الغايات المترتبة عليه ، بل يكفى قصد غاية من غاياته ، والله أعلم.
المسألة السابعة لا ريب في أن مقتضى ما دل على حرمة الربا وفساد المعاملة المشتملة عليه ، وجوب رد الزيادة خاصة ، المأخوذة بالقرض ونحوه ، ضرورة بقاؤها على ملك المالك ، معينة أو مشاعة ، فحكمها حكم غيرها من الأمور التي للغير ، في الرد والصدقة ونحوهما من مسائل الاشتباه للمال والصاحب أولهما ، مما هو مقرر في كتاب الخمس وغيره من محاله ، من غير فرق في ذلك بين العلم والجهل.
وأما لو كان الربا في عقد المعاوضة ، فالمتجه حينئذ فساد المعاملة فيبقى كل من العوضين على ملك صاحبه لا الزيادة خاصة ، إذ الفرق بينه وبين القرض واضح ، وحينئذ يجري فيه ما يجري في باقي المعاملات الفاسدة ، من غير فرق أيضا بين العالم والجاهل إلا في الإثم وعدمه ، إذا كان غير مقصر في البحث والتفحص ، ولو لأنه غير متنبه ، إلا أن الأصحاب هنا لم يفرقوا بين الموضوعين ، فأطلقوا وجوب رد الزيادة إذا كان حال تناولها عالما بالتحريم ، بل نفى بعضهم عنه الخلاف فيه ، بل عن المقداد والكركي الإجماع عليه ، وهو الحجة مضافا إلى ما سمعت ، قيل : وإلى قوله تعالى (١) ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ ) وغيرها من الآيات الأخر الناصة هي كالروايات بحرمة الربا الذي هو الزيادة لغة ، الموجبة لعدم الملكية ، فيلزم الرد مع معرفتها قدر أو معرفة الصاحب بالضرورة ،
قلت قد عرفت أن مقتضاها ذلك في الربا في نحو القرض : أما البيع فالفساد ، وعلى كل حال فالمتجه حينئذ كونه كغيره من الأموال المحترمة ، في التصدق به عن المالك إذا لم يتمكن من معرفته ، وغير ذلك مما هو مقرر في محله ، نعم خلت نصوص المقام التي ستسمعها مع أنها في مقام البيان ، عن ذكر الحكم بإخراج الخمس لو كان مختلطا بالحلال ، ولم يعرف المقدار ولا الصاحب ، بل ظاهر بعضها حل الجميع ، ولكن لم يعمل بها الا نادر من الطائفة ، ومع ذلك فظاهر سياقها الجهل بالحرمة خاصة ،
__________________
(١) سورة البقرة الآية ـ ٢٧٩.