ثلاثة أحدها بيع الزرع بحب من جنسه ، الثاني بيع السنبل بحب من جنسه ، الثالث بيع سنبل الحنطة والشعير بحب منهما ، والأول لا دليل له الا الموثق المنزل على ما عرفت ولو بملاحظة الخبرين الأخيرين المنافيين له من حيث التفسير ؛ بناء على أن الحرمة فيه من جهة المحاقلة لا تعبدا ؛ للإجماع على كون المنع هنا لذلك ؛ والتعليل فيه إن أمكن إرادة الإشارة به إليها فذاك ؛ وإلا فلا وجه له ظاهرا ضرورة انتفاء الربا هنا بعد انتفاء شرطية الكيل والوزن ، وأما الثاني فلا دليل له إلا الموثق أيضا المنزل على الخبرين لما عرفت ، فتعين حينئذ المختار. وفي التحرير « بيع المحاقلة حرام وهي بيع الزرع بحنطة أو شعير » وهو عين ما قلناه ، بل لعله يرجع إليه غيره وعن ابن المتوج التصريح به أما غير الحنطة والشعير فلا محاقلة فيه حينئذ كما لا تحريم سواء بيع بالجنس أو بغيره وبالرطب وغيره ، لما عرفت من عدم جريان الربا فيه ، ولا تعليل النقصان بعد الجفاف كما مضي بالبحث فيه سابقا.
المسألة الرابعة لا خلاف بيننا بل وبين سائر المسلمين عدا أبي حنيفة في انه يجوز بيع العرايا بخرصها تمرا بل الإجماع بقسميه عليه ، بل المحكي منه في أعلى مراتب الاستفاضة إن لم يكن متواترا ، بل في المسالك « انه أجمع أهل العلم عدا أبي حنيفة على أنه مستثنى من تحريم المزابنة » وهو شاهد على أن المزابنة ما ذكرنا لما ستعرف من عدم جواز بيع العرية بخرصها تمرا منها ، لأنه إن لم تكن المزابنة ذلك لم يكن للاستثناء وجه معتبر ضرورة اتحاد الجميع في المنع إذا كان منها ، والجواز إذا لم يكن. فمن الغريب ما في الحدائق من انه لا وجه لهذا الاستثناء إلا اشتهار المنع ، وإلا فالحكم في الجميع متحد ، وفيه مضافا إلى ما سمعت ظهور نصوص العرية في الاستثناء ففي خبر السكوني (١) عن الصادق عليهالسلام « رخص رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في العرايا أن تشتري بخرصها تمرا ، قال : والعرايا جمع عرية وهي النخلة تكون للرجل في دار آخر فيجوز له بيعها بخرصها تمرا ولا يجوز ذلك في غيره» وفي خبر أبي القاسم بن سلام (٢) المروي عن كتاب معاني الأخبار بإسناد متصل إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم « أنه رخص عليهالسلام في العرايا واحدتها عرية وهي النخلة التي يعريها صاحبها رجلا محتاجا ، والإعراء أن يبتاع
__________________
(١) و (٢) الوسائل الباب ١٤ من أبواب بيع الثمار الحديث ـ ١.