يؤيده ما في التذكرة قال : « يجوز ان يسلم في شيء ببلد لا يوجد ذلك الشيء فيه ، بل ينقل اليه من بلد آخر لإمكان التسليم وقت الأجل ، وكان سائغا كغيره ، ولا فرق بين ان يكون بعيدا أو قريبا ، ولا ان يكون مما يعتاد نقله إليه أولا ، ولا يعتبر مسافة القصر هنا ، وهو قول بعض الشافعية ، وقال بعضهم ان كان قريبا صح وان كان بعيدا لم يصح ، وقال : آخرون ان كان مما يعتاد نقله إليه في غرض المعاملة لا في معرض التحف والهدايا والمصادرات صح السلم والا فلا ، أما لو أسلم في شيء يوجد غالبا في ذلك البلد وقت الحلول ، فاتفق انقطاعه فيه وأمكن وجوده في غيره من البلاد ، فهل يجب على البائع نقله ، الأقرب ذلك مع انتفاء المشقة وعدم البعد المفرط ، ولا عبرة بمسافة القصر ولا إمكان الرجوع من يومه ، الا انه لا يخفى منافاته لأول فروع الروضة إلا مع التأويل.
وفي التنقيح « لو كان يوجد في بلد آخر لم يجب نقله ، لا مع المشقة ولا مع عدمها إذا كان قد عين البلد ، والا وجب فتأمل جيدا ، فإن المسألة من المشكلات » ، وكان منشأ الوهم فيها تلك العبارة التي وقعت للرد على ابى حنيفة في السلف في المعدومات ، ولكن ينبغي ان يعلم انه لو ذكر بلد المسلم فيه على وجه يكون من صفاته لم يكف وجوده في غيره ، وكذا لو أطلق وكان الإطلاق منصرفا الى ذلك على هذا الوجه ، اما إذا كان استحقاق السلم من حيث الدينية ، وكان قد اشترط بلدا مخصوصة ، أو كان إطلاق العقد مقتضيا ذلك ، فلا يعتبر وجوده في ذلك البلد ، بل يكفي الإتيان بالكلي الثابت في الذمة على وصفه من اى بلد كان ، من غير فرق بين بلد العقد وغيره ، ولعل هذا مراد ثاني الشهيدين إذا لم يكن ثم عرف أو قرينة تقتضي ارادة غلة بلد السلم على وجه الوصفية ، ولو لجهل بحالها والله العالم.
وكيف كان ف لا بد ان يكون الأجل الذي قد عرفت وجوب تعيينه وأنه لا يجوز ان يكون محتملا للزيادة والنقصان معلوما للمتعاقدين مصداقه فلا يكفى انضباطه في نفسه وان احتمل ، الا أنه واضح الضعف ، للغرر ، وانسياق العلم